Page 50 - merit 45
P. 50
حاولت رواية "خبز على طاولة الخال ()4
مثلت المقولات الشعبية التي يفتتح بها ميلاد" في ظل ثقافة تعلي من قيمة
الكاتب كل فصل من فصول روايته ملم ًحا
التمسك بالأدوار الاجتماعية المفروضة،
أساسيًّا من ملامح بناء عمله ،لما شكلته
هذه المقولات من دعائم تكشف جانبًا ولا تقبل محاولات التمرد عليها،
من صور الأدوار الاجتماعية كما أقرها مساءلة التصورات النمطية السائدة
المجتمع بين الرجل والمرأة ،ولما لها من أثر
في بيان مدى ترسخ الأفكار المتعلقة بالنوع للأدوار الاجتماعية ،وموقع الرجل
الاجتماعي والعنف المرتبط به في تكوين والمرأة منها ،خاصة في عصرنا الحالي،
جانب من ثقافة المجتمعات العربية.
وكشف المحاولات العميقة لتغييرها
ومن بين أهم هذه المقولات مقولة (عيلة
وخالها ميلاد) التي مثلت جز ًءا من عنوان والتمرد عليها ،وبيان مدى استقرارها
الرواية نفسه ،فعلى الرغم من تعدد وبعدها عن المساءلة.
المقولات الشعبية التي تكشف طبيعة
العلاقة بين المرأة والرجل في المجتمعات تقاليد المجتمع.
العربية ،تظل هذه المقولة فاعلة أكثر من ويتجلى أثر هذا التمزق عندما تخلى ميلاد عن
غيرها من المقولات التي وردت داخل الدور المرتبط برعايته للمنزل ،لما يحدثه في حياته
العمل ،لإسهامها في بناء جزء من عنوان من توتر وخلل واضطراب ،فيقول« :جاءت أيام
العمل ذاته ،ولدلالتها في بلد عربي يعطي الوصاية كرهت فيها العمل المنزلي ،وكل ما يمثله من عبودية
للرجل على المرأة ،ويعطيه الحق في أن يكون مقيا ًسا لشخصيتي» ،وهذه العبودية ليس مردها نظرة
لمدى أخلاقيتها ،وينزع عنه رجولته إذا لم تكن هذه خالصة من ميلاد لنفسه ،بل مردها الأساسي
المرأة تمثل الصورة النمطية لجنسها في مجتمع نظرة مجتمعية رفضت فكرة قلب الأدوار ،وتخلي
شرقي ،فإذا تخطت الفتاة حدود الأخلاق من وجهة طرف عما ُفرض عليه وأقرته جماعته ،ويظهر
نظر المجتمع ،يصبح المسئول الأول عن هذا هو هذا بوضوح أكثر عندما تشتد الأزمة بينه وبين
الرجل الذي لم يستطع تهذيبها وتربيتها ،ويتحول زينب /زوجته ،وبينه وبين أمه وأخواته بعد موت
إلى (ميلاد) ،أي ينقصه قدر من الرجولة ما دام في أبيه ،فيذ ِّكره الجميع بضرورة العودة إلى زاوية
بيته فتاة خرجت عن حدود الأخلاق التي أقرتها الدور الأول التقليدي ،حتى يستقيم عالم ميلاد
مرة أخرى ،وفي كل محاولة من محاولات الضغط
الجماعة. الممارس من قبل الجماعة والأهل ،يفكر ميلاد في
وتتعدد المقولات الشعبية وتكشف مدى ترسخ الانتحار ،تعبي ًرا عن اشتداد أزمته ووصولها إلى
بعض الأفكار المتعلقة بالأدوار الاجتماعية بين ذروتها ،فإما أن يستعيد ميلاد رجولته بمقاييس
الرجل والمرأة ،والتي تعطي الحق في استخدام مجتمعه أو ينهي حياته تخلُّ ًصا من أزمته وتمزق
العنف لتحقيق السيطرة ،مثل (اضرب القطوسة
تتربى العروسة) ،وهي النصيحة ذاتها التي قدمها هويته.
العبسي لصديقه ميلاد ،في محاولة منه لتقويم
سلوك يراه خطأً وخار ًجا عن تقاليد المجتمع التي
تبيح استخدام العنف بناء على النوع الاجتماعي،
وذلك لأن النساء كلهن نتاج لإبليس وزرع له ،كما
ورد في المقولة الأخرى (البنات ز ِّريعة إبليس) ،فهن