Page 121 - merit 46 oct 2022
P. 121
نون النسوة 1 1 9
لكنها دائ ًما تعي جي ًدا أن جمالها هذا هو أحد
أسباب تعاستها ،هو بالفعل وراء كل ما تعيشه من
شقاء «ما جدوى أن أكون جميلة؟ كنت أفضل أن
أكون قبيحة سعيدة على أن أكون جميلة بائسة»
ص .87تستمر في لحظات العتاب والاجترار ،تروي
وتسمع ،تصير في أغلب الأحيان راوية ومرو ًّيا
عليها في آن واحد ،يأخذ السارد الخارجي السرد
من يدها ليتحدث عنها ليصف حالها وهي تجلس
أمامه ،كأن الزمن قد وقف عندها ،عند جمالها
الناطق ،عند عينيها الزرقاوين العميقتين ،وخصرها
النحيل العاري ،وسيجارتها التي يتلوى دخانها
في الفراغ ،هكذا يصف السارد عادة جلوسها معه،
ويصفه هو بأنه صاحب ملامح خمسينية مجهدة،
وصوت مجهد حين يجيب عن سؤالها الأثير :هل
تحبني؟ الزمن هنا هارب من هذا الرجل الحبيب،
مفتت ،يترك أثره على وجهه ،ويترك في قلبها جر ًحا
عمي ًقا.
أغمضت الساردة عينيها لتبحث عن شيء من
السلام النفسي؛ لكنها وبدورها الدائم في التفكير في
جنس الرجل أ ًّيا كان هذا الرجل ،وأيا كانت منزلته
في تفكيرها ،الرجل العجوز المنهك الذي رأته يحاول
أن يلحق بها في الحلم ،هو رجل أخرس صامت،
لا يستطيع أن يومئ أو يشير بشيء يفصح به
عما يريد ،تطرح سؤ ًل وجود ًّيا يفسر هذا الصمت
«لا أدري إن كان فقد صوته أم أجبرته الأيام على
الصمت» ص ،34يتدخل السارد الخارجي ليحكي
عن هذا الصمت في موضع آخر مقد ًما وص ًفا
لصمتها كما قدمت هي وص ًفا لصمت من أحبت،
هي تفسر سكوته أي ًضا ،هل فقد صوته أم أجبرته
الأيام علي ذلك «لم تختر الصمت طو ًعا؟ إنها اللغة
العاجزة أمام حضوره» ص ،65في كل مناجاة مع
الرجل ،ومع كل اهتمام صادر منه دائ ًما تتساءل
«هل كان هذا كله محض كذب؟ محض اهتمام
زائف؟» ص ،35تقدم الساردة البطلة في كل موقف
تتعرض فيه للرجل فلسفتها التي تعيشها في الحياة
نتيجة تجربتها في الحب «هل تعلم أيها الشيخ أن
أسوأ ما بالحب الفقد ،وأسوأ ما بعد الفقد الحنين»
ص .35هو الشوق إذن ذاك الذي يولده الفراق
والبعد ،لحظات التذكر والحنين دائ ًما ما تبعث في