Page 129 - merit 46 oct 2022
P. 129

‫نون النسوة ‪1 2 7‬‬

                                                                         ‫التقنيات السردية في‬
                                                                            ‫عوالم الرواية‬

                                                                         ‫الآثار الروائية متجددة‬

                                                                         ‫رغم تكرار مكوناتها بلا‬

                                                                         ‫كلل‪ ،‬إذ إنه لا خطاب‬

                                                                         ‫با ٍق على حاله‪ ،‬فالتقنيات‬

                                                                         ‫متجددة والإبداع لا‬

                                                                         ‫يقبل التكرار والاجترار‪،‬‬

                                                                         ‫فالخطاب الروائي لدى‬

                                                                         ‫منى العساسي قائم على‬

                                                                         ‫التلاعبات والنفور من كل‬

                                                                         ‫هو مكرور‪ ،‬إذ نلاحظ أن‬

                                                                         ‫عوالمها مبنية على التلاعب‬

                                                                         ‫غير المبرر‪ ،‬حيث شكل‬

‫جيمس جويس‬  ‫إمبيرتو إيكو‬                                ‫أونوريه دي بلزاك‬  ‫مبناها بنية نصية متجددة‬
                                                                                ‫قائمة على التلاعب‬

 ‫ثوب البنية النصية المتجددة التي تجعل من النص‬                            ‫بوسائل السرد‪ ،‬فحين‬
                  ‫سجادة تؤم كل سكان الرواية‪.‬‬
                                                       ‫تقف على الزمان‪ /‬المكان‪ /‬الشخصيات‪ /‬الحوار‪/‬‬
   ‫الحوار‪ :‬حين ندخل سرديات الروائية لا وجود‬
     ‫لأثر الحوار إنما النص عبارة عن لغة حاضنة‬          ‫اللغة‪ ..‬نجد عوالم الرواية غير مبنية وغير آمنة من‬

‫تدور في قالب نصي‪ ،‬هذه اللغة يستعملها أشخاص‬             ‫خلالها‪ ،‬وإنما هي شذرات وقفت عندها الروائية‪،‬‬
‫بطريقة غير منتظمة ولا اعتباطية‪ ،‬إنما هي خاضعة‬          ‫فجعلتها خي ًطا رفي ًعا يمتد من عوالم روائية خيالية‬
                                                                         ‫إلى تقنيات سردية جديدة‪.‬‬
                               ‫لسيرورة النص‪.‬‬
 ‫أما الشخصيات التي نجدها في الخطاب بلا أسماء‬           ‫فاللغة‪ :‬خطاب جارف استعملته الروائية في بناء‬

    ‫كما عرفنا في الروايات السابقة‪ ،‬فهي شخصية‬           ‫هرم نصي تريد من خلاله إيصال الفكرة إلى‬
    ‫واحدة أو شخصيتان تتبادلان أطراف الحديث‬
‫دون أن يعرف المتلقي أسماء هذه الشخصيات التي‬            ‫المتلقي‪ ،‬في الحقيقة هي لغة مسالمة خاضعة لطبيعة‬
 ‫تحرك اللعبة السردية‪ ،‬لكنها في المقابل استحوذت‬
    ‫على النص وسيطرت على اللعبة وجعلت النص‬              ‫الوضع الذي فرضه النص على الروائية‪ ..‬لغة‬
 ‫متماس ًكا‪ ،‬وهذا يقودنا إلى طرح السؤال التالي‪ :‬إلى‬
    ‫أي مدى استطاعت الروائية تشكيل هرم نصي‬              ‫تشبه الحياة بصيغة التأنيث‪ :‬جنس لطيف ولكنه‬

                                      ‫منسجم؟‬           ‫جنس رهيب‪ ،‬صامتة ولكنها هادرة صاخبة معتملة‬
   ‫هذا السؤال يجعلنا نقف على إجابات متعددة‪ ،‬إذ‬
 ‫يمكننا القول إن الروائية جعلت التقنيات الحداثية‬                         ‫الأوصال‪.‬‬
  ‫تساهم في بناء مشروع الحياة داخل النص مثلما‬
‫حاولت صناعته في الحياة‪ ،‬حيث شكلت بخطاباتها‬             ‫الزمكان‪ :‬البنية النصية عابرة لخطاب التشويق‪،‬‬
  ‫المتعددة ن ًّصا يؤمن بأن القوامة دائ ًما لا تأتي من‬
                                                       ‫فالرواية نسجت عوامل نصية خارج أثر الزمان‬

                                                       ‫والمكان‪ ،‬فالزمن يلعب على أوتار متعددة‪ ،‬فلا هو‬

                                                       ‫مؤت َمن على نفسه وعلى مساراته الجارفة للناس‬
                                                       ‫والمشاعر والثواني والساعات‪ ،‬ولا هو عامل داخل‬

                                                       ‫النص كمكون يقتل الماضي ليولد من ذلك فن (وأي‬

                                                       ‫فن!)‪ ،‬إنما هو تقنية مبرمجة لتخدم السرد لدى‬

                                                       ‫منى العساسي‪ ،‬في حين نجد المكان فضا ًء غير‬
                                                       ‫محدد‪ ،‬إنما هوعالم شكل لنا خطاب النص فألبسه‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134