Page 131 - merit 46 oct 2022
P. 131
نون النسوة 1 2 9
السؤال التالي :أي تيار لأي وعي؟
أي تيار لأي وعي؟
شكلت معمارية النص لدى منى العساسي بنا ًء
شاه ًقا مخات ًل متداخ ًل؛ إذ نلاحظ ونحن ندق باب
النص بأنه خطاب مدجج يحمل نصو ًصا متنوعة
ومتعددة بلغة مركبة ،لا هي منظمة ولا هي
اعتباطية ،وإنما سلوكها الوحيد يعود إلى العلاقة
الموجودة بين النص والثقافة الكتابية لما يعرف
بتيار الوعي ،وربما على هامش البنية النصية
المتشابكة نلاحظ أن تداخل النص مع مختلف
التقنيات جعلته يؤم سكان الرواية ،ويمنح القارئ
فرصة لا متناهية لمعرفة نواميس النص .والمتأمل
جي ًدا في حيثيات الموضوع يجد نفسه جز ًءا من
منظومة نصية يحاول الابتعاد لكنه لا يستطيع،
ولأن النص والقارئ هويتهما البحث عن مجموعة
من الدلالات المشتركة التي تساهم في جعل النص
والقارئ تجمعهما علاقة مصاهرة أو علاقة قرابة.
وهنا وجب أن نطرح السؤال التالي :لماذا اختارت
الروائية تقنية تيار الوعي؟ وإلى أي مدى استطاعت
الروائية إثبات حضورها في النص؟
يقودنا هذا السؤال إلى تبني أفكار نحاول من
خلالها التعبير أو المشاركة في السؤال ،وربما لأن
تداخل النصوص وتشابهها شك ًل ومضمو ًنا جعلها
تكسر كل الحواجز وتبدأ كتابتها بطريقة غير
مألوفة ،إنما الاختلاف واضح من خلال الهيكل
العام للنص ،وهذا يحيلنا إلى نوع مستحسن من
التجديد.
أما الجواب الثاني ف ُيم ِّكننا من القول بأن تيار
الوعي نظام جديد في الكتابة (رغم قدمه التاريخي)،
يتخطى كل الحواجز ولا يؤمن بأن النص له عقد
قران مع الكتابات الأخرى ،أو هو مولود جديد
يحتاج إلى رعاية كاملة ،لذلك نلاحظ أن استعمال
التقنيات الحديثة في الخطاب الروائي جعل النص له
حضور جيد ومستمر لدى القراء ،حيث م َّكن القارئ
من كسر أفق التوقع والنظر إلى النص والموضوع
من زوايا متعددة ،ولأن النصوص تحتاج إلى توابل
لتضفي على الموضوع جانبًا من الجمالية والحضور