Page 130 - merit 46 oct 2022
P. 130

‫العـدد ‪46‬‬   ‫‪128‬‬

‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬

‫أسفل السافلين‪ ،‬إنما النصوص جوازات سفر نعبر‬
               ‫بها المدن لتستقر بنا في بلد واحد‪.‬‬

 ‫أما الاختيار الثاني فيمكننا القول إن صرح النص‬
‫الذي بنته الروائية مختلف ومتغير‪ ،‬فالبناء النصي‬
 ‫الذي اعتمدته خلقت منه عالمًا حكائيًّا يكبر ويكبر‪،‬‬
‫بد ًءا بالفكر الأسطوري الذي تبنته في بداية المقطع‪،‬‬
 ‫إلى التجديد الشكلي المبني على التداعيات الحديثة‪..‬‬
 ‫هذه الممارسات جعلت النص يتخمر من أجل بناء‬

                      ‫عوالم روائية تقبل القراءة‪.‬‬

‫الزمن داخل الرواية‪ ..‬وخارجه‬

   ‫النصوص ح َّمالة أوجه‪ ،‬أو هي مشاهد مسرحية‬
   ‫في قوالب نصية‪ ،‬فالزمن ضمن هذا النص لا هو‬
‫فردي‪ ،‬ولا هو ثنائي‪ ،‬ولا هو جماعي‪ ،‬إنما هو زمن‬
 ‫منكسر يلعب على أوتار تذهب بالقارئ حيث تنسج‬
 ‫له زمنًا يحاول فهمه‪ ،‬لكنه يظل غام ًضا‪ ،‬هذا الزمن‬
  ‫يتغير حين يجد النص كتلة من الكلمات المتقاطعة‬
‫تحاول أن تتشكل‪ ،‬لكنها تظل قاصرة في غياب زمن‬

                   ‫يشكل من خلاله توافق النص‪.‬‬
‫فالماضي مث ًل حاضنة الذكريات وسجل الزمن الذي‬

    ‫يفرض نفسه على الروائية من أجل جعل النص‬
 ‫طبقة معمارية متماسكة‪ ،‬ذلك لأن الماضي حفريات‬

     ‫تاريخية والبشر ينامون على الماضي ويحبون‬
     ‫العودة إليه‪ ،‬أما الحاضر فهو زمن مقتنص من‬
 ‫الماضي والمستقبل‪ ،‬يحاول أن يكون مثل ذلك الخط‬
   ‫العمودي فيشمل ما هو سابق وما هو لاحق‪ ،‬أو‬
‫متوقع‪ ،‬في حين نجد المستقبل طري ًقا تسلكه الروائية‬

                  ‫لتجعل النص يكبر شيئًا فشيئًا‪.‬‬
     ‫لذلك نلاحظ أن الزمن عبارة عن كتلة فاعلة في‬
 ‫النص تبحث عن محور تلتقي فيه ولا تشكل خط ًرا‬
   ‫على النص‪ ،‬إنما تجعله ن ًّصا يذهب بالقارئ حيث‬
   ‫يريد‪ ،‬ذلك لأن الزمن هو سيرورة لا متناهية من‬
‫الخطابات‪ ،‬بحيث نجد نص النص في غياب الزمن له‬
‫فعالية مضاعفة نلمسها أكثر حين يحضر الزمن في‬
 ‫النص بأبعاده المختلفة‪ ،‬لذلك فإن النص يجد قوامه‬

                ‫حين يتَّحد الزمن مع الشخصيات‪.‬‬
   ‫وإذا كانت النصوص في معظمها دلالات خاضعة‬
   ‫لتيار القارئ ووعي المتلقي‪ ،‬يقودنا ذلك إلى طرح‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135