Page 173 - merit 46 oct 2022
P. 173
171 تجديد الخطاب
معجلة ومؤجلة ،فالمعجلة أحوال كما جاء في قوله تعالى «إِ َّل َم ْن الجنة
وقربى ،والمؤجلة ثواب وتوبة، َتا َب َوآ َم َن َو َع ِم َل َصالِ ًحا َف ُأو َٰلئِ َك
فعندما فسر الصادق جنة نوح َيَِع ْجدَبنَّا ُا َخدلُُِهتو َِبَنعا ْْلدا َْلغٍنْيَجا ِنَّبلَّ َةتِإِ َّنيَوُه َ َلو َكَاعُي َدَْنظ َاللَُمو َّر ْوع ْ َُدحن َُٰهم َُنش ْيئًا، كلمة الجنة في اللغة مشتقة من
كان يعني بشكل مستتر الجنة مادة (جنن) وتعني التخفي
َم ْأ ِتيًّا» (مريم ،)61 -60 :فان
المعجلة ،وهي القرب من الله مفسري الصوفية قاموا بإضافة والتستر ،كقولهم (جنة الليل أي
بطاعته والسير في سبيل الوصول ستره) ،وكلمة (الجنين) حيث
إليه ،وهو ما يسمى عند الصوفية معاني جديدة تتماشى مع روح إنه مخت ٍف بداخل بطن أمه،
جنة الوقت أي هنا في تلك الدنيا. و(الجن) وهي مخلوقات غير
الصوفية وتعبر عن أفكارها، مرئية .و(الجنة) وهي الحديقة
أما سهل التستري (توفي 283
هجرية) فقد كان واض ًحا -في كمثال يفسر جعفر الصادق الغناء ذات الشجر والنخيل ،حيث
كتابه تفسير القرآن العظيم- تستتر أرضها لتكاثف أشجارها
حيث يطلق علي ما يكون عليه (توفي 148هجرية) كلمة الجنات وغصونها ،كما قيل إن جنة الخلد
فيَ “ :و ُي ْم ِد ْد ُك ْم ِب َأ ْم َوا ٍل َو َبنِي َن
المتدين المتقي من قرب من َل ُك ْم َو َي ْج َع ْل َل ُك ْم َجنَّا ٍت َو َي ْج َع ْل سميت كذلك بسبب ستر الله
الله وطاعة له الجنة الدنيوية، يزين بقوله: (نوح)12 : َأ ْن َها ًرا» لحقيقتها وأنعمها.
ويبدو ذلك جليًّا عندما فسر آية:
«إِ َّن ا ْلُتَّ ِقي َن ِف َجنَّا ٍت َو ُع ُيو ٍن» ظاهركم بزينة الخدمة وباطنكم ويرى المفسرون أن كلمة الجنة في
(الذاريات )15 :بقوله المتقي في القرآن أتت بمعنى جنة أرضية،
الدنيا في جنات الرضا يتقلب ،ولم بأنوار الإيمان ،كما ذكر في كتاب وقد تكون للتمتع أو للاشتغال
يقف التستري عند تقسيم الجنة والتعيش واكتساب الرزق ،كما
إلى دنيوية وأخروية ،وإنما قام حقائق التفسير للسلمي ،وذلك جاء في سورة الكهف « َوا ْض ِر ْب
بتقسيم الأخروية إلى جنتين عند َل َ ُجهنَّْمَت ْي َمِنَث ً ِلم ْنَر َأ ُجْعَل َنْيا ِن ٍب َ َجو َع َْلح َنَفا ْف َِن َال َُهح َمِدا ِه َما
تفسيره لقول الله « َوا ْد ُخ ِل َجنَّتِي» لأن رؤيته للسعادة والتنعم ليست ا ِب َْلَنش َ ْْيجخئًنَّاٍَتل ْي َ َوِون َف َآجََّجتَع ْْرلْ َتَننااأُ َُبك َِْيلخ ََنَه ُاله َلَم َُاهو ََم َْالز ْ َرَنت ًَعهْظا ًرلِ،ا ْم» ِك ْلِم َتْنا ُه
(الفجر ،)30 :جنة حسية ممتلئة (الكهف ،)33 -32 :أو جنة
باللذائذ الحسية كالأكل والنكاح في الحدائق الغناء والثمار اليانعة
وهي غاية عوام المسلمين ،وجنة الآخرة ،وهي للنعيم الأبدي لا غير
معية الله ودوام النظر إليه وهي وإنما في أن يكون العبد في معية
غاية الصوفي العارف ،وقد أكد
ذلك التقسيم الإمام الغزالي في الله ظاه ًرا وباطنًا ،وتلك هي جنة
حديثه عن سورة الفاتحة عندما الصوفي التي يطمح للفوز بها،
أكد أن متعة العارف في رياض
المعرفة لا تقل عن متعة من يدخل وهو تفسير يتفق مع ما شرحه
الجنة ويشبع شهوات بطنه القشيري (توفي 465هجرية) في
وفرجه ،بل إنهما لا يستويان،
فالعارف سعادته أشد في مشاركة كتاب لطائف الإشارات ،عندما
الملائكة الفردوس الأعلى. قام بتقسيم الجنة إلى مستويين:
وهوما أشار إليه القشيري في
كتابه لطائف الإشارات في تفسير
ُت«ا ْ ْحد َب ُ ُخرلُوواَن،ا ْل ُيَجَطنَّاَة ُ َأفْن ُت َعْمَل ْي َوِه َأ ْمْز َ ِبوا ُِجص ُكَحْما ٍف