Page 170 - merit 46 oct 2022
P. 170

‫العـدد ‪46‬‬                          ‫‪168‬‬

                                    ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬

 ‫لإحدى الحالات التي حكم‬             ‫المسيحيون يحجون في بيت لحم‬
 ‫عليها النبي بالرجم كانت‬
  ‫حالة يهودي أتى اليهود‬                ‫وإن كان معر ًضا للانتقام من‬         ‫وهذا له علاقة وثيقة بالظروف‬
                                     ‫أهل المرأة التي زنا بها‪ ،‬ولا يحق‬        ‫الاجتماعية الملابسة للتشريع‬
     ‫للنبي ليح ِّكموه فيه‪،‬‬                                                                      ‫والنص‪.‬‬
   ‫فقال لهم احكموا بما‬                ‫للزوجة طلب أن يعاقب زوجها‬
‫عندكم في التوراة‪ ،‬ف ُحكم‬             ‫الزاني‪ ،‬وكان عقاب الزنا عندهم‬         ‫لكن لنحاول تخيل الشكل العام‬
                                     ‫يختلف من قبيلة لقبيلة كتغريب‬          ‫لنظرة العرب لجريمة الزنا قبل‬
     ‫عليه بالرجم وهو‬                                                        ‫الإسلام وكيف كانوا يتعاملوا‬
  ‫حكم موجود فع ًل في‬                   ‫الجاني ونفسه أو رجمه‪ ،‬وقد‬            ‫معها‪ ،‬وكيف ساير الإسلام ما‬
‫التوارة‪ ،‬وهناك حالات‬                 ‫قيل إن أول من ُرجم في الزنا في‬        ‫كان موجو ًدا أص ًل في المجتمع‪.‬‬
                                    ‫الجاهلية ربيع بن حدان‪ ،‬والرجم‬
    ‫أخرى أي ًضا تذكر‬                ‫كان إحدى العقوبات الموجودة في‬              ‫في المجتمعات القديمة كانت‬
‫استخدام النبي لعقوبة‬                                                         ‫الصورة البطريركية والأبوية‬
 ‫الرجم‪ ،‬وإذا كان هذا‬                       ‫الديانة اليهودية على الزنا‪.‬‬    ‫هي السائدة‪ ،‬وكان الأب يحرص‬
‫حدث فع ًل فقد يكون‬                     ‫والفقهاء يقولون إن حكم الزنا‬       ‫على انتقال ميراثه إلى أبنائه لذلك‬
                                     ‫للمتزوج هو الرجم وليس الجلد‬           ‫كان من المهم التأكد من سلامة‬
  ‫النبي استخدم هذه‬                      ‫بالرغم من عدم وجود آية في‬            ‫نسب الأبناء‪ ،‬وجرى التشديد‬
   ‫العقوبة قبل نزول‬                 ‫القرآن تقول ذلك‪ ،‬ولكنهم يقولون‬           ‫على تحريم أي علاقة زوجية‬
 ‫حكم الجلد لأنه كيف‬                 ‫إن هناك آية ُنسخت تلاوة وبقيت‬        ‫خارج إطار الزواج لحفظ النسب‪،‬‬
‫ستنزل آية الجلد بدون تخصيص‬           ‫حك ًما وهي “الشيخ والشيخة إذا‬       ‫والعرب كانوا أي ًضا يتعاملون مع‬
‫ثم يخالفها النبي ويمارس الرجم؟‬        ‫زنيا فارجموهما البتة نكا ًل من‬    ‫جريمة الزنا للمرأة الحرة المتزوجة‬
   ‫كما أن آية اللعان تقول ويدرؤا‬     ‫الله والله عزيز حكيم”‪ ،‬ويقولون‬       ‫بشكل مغلظ لأنه اعتداء على حق‬
‫عنها العذاب وليس الموت‪ ،‬والعذاب‬         ‫إن النبي قد حكم بالرجم على‬         ‫الزوج صاحب العرض‪ ،‬وكانوا‬
                                     ‫الزناة في أكتر من حالة وهذا ما‬     ‫يتساهلون في الزنا الخاص بالرجل‬
     ‫يدل على الجلد وليس الرجم‪.‬‬          ‫سيبقي الحكم‪ ،‬ولكن للرجوع‬
     ‫ولكن الحديث عن نسخ حكم‬
      ‫الرجم ليس موضوعنا الآن‪.‬‬
  ‫في المجمل في قضية الزنا بسبب‬
     ‫وجود الآيتين التي ذكرتا في‬
    ‫البداية يجعلنا نقول إن معرفة‬
     ‫السياق الظرفي لنزول الآيتين‬
     ‫سيساعدنا في فهمهما‪ ،‬ولكن‬
      ‫نستطيع القول إنه أ ًّيا كانت‬
 ‫عقوبة الزنا فهي كانت تتفاعل مع‬
  ‫الأوضاع القائمة في هذه الفترة‪،‬‬
  ‫فنجد في الآيتين اللتين ذكرناهما‬
    ‫في البداية تقديم حكم العقوبة‬
    ‫للمرأة قبل ذكرها للرجل‪ ،‬وقد‬
  ‫يكون هذا طب ًقا للظروف القائمة‬
 ‫التي كانت تعظم من جريمة المرأة‬

         ‫عن الرجل في حكم الزنا‪.‬‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175