Page 20 - merit 46 oct 2022
P. 20
العـدد 46 18
أكتوبر ٢٠٢2
تماس ،لا اتصال» ،هي بالنسبة له مثل آلة يتحكم بداية التحول ،فكما يصف السرد علاقتهما أنهما
فيها ،يمارس عليها سلطويته« :يعبدها عبادة جبانة «عاشا القليل ج ًّدا من الحياة الجسدية».
غريبة ،مثل همجي ،عبادة تتأسس على خوف وبقدر محاولة كوني وقد بدأ إحساسها يستشعر
هائل ،وحتى على كراهية سلطة المعبود ،المعبود برودة المشاعر ليس فقط بينها وبين كلفورد،
الفظيع ،كان كل ما يريده أن تقسم كوني ،تقسم
على ألا تتركه ،ألا تتخ َّل عنه» (الرواية :ص،)196 بل بالبيت نفسه ،أن تخفي حالة الجفاء الجنسي
باختصار حب صاحب المال لا حب دفء ،وهو ما بينهما ،إلا أن والدها عند زيارتهما في إحدى
سوف تدركه فيما بعد في شخصية حارس الطرائد،
وهو ما أكدته لأختها هيلدا ،عندما أرادت أن تقضي الشتاءات لمَّح إلى ما تخفيه ابنته ،فمرر جملته:
معه ليلة وداع قبل رحيلها إلى فينسيا ،فعندما تلح «آمل يا كوني ألا ترغمك الظروف على أن تكوني
هيلدا لمعرفة ماهية هذا الشخص ،وتخبرها بأنه شبه عذراء» (الرواية :ص .)42فيأتي ر ُّدها وهي
«حارس طرائدنا» ،تستنكف الفعل وهو ما ينعكس شاردة« :شبه عذرا! لماذا؟ لماذا لا؟» وعندما يك ِّرر
على حركتها« :تقول هيلدا ،وهي ترفع أنفها قلي ًل نفس الكلام على كلفورد يرد عليه :نصف عذراء «ثم
باشمئزاز :وهي حركة أخذتها عن أمها :كوني!»، بعد تفكير صحبه احمرار وجهه ،وانتابه غضب بعد
فترد كوني محاولة الدفاع عنه« :أعرف :لكنه رائع
ح ًّقا .يفهم الحنان ح ًّقا» (الرواية :ص .)417هكذا شعوره بالإهانة فيرد بصرامة« :لا يناسبها ذلك
لخصت كوني اندفاعها في علاقتها مع حارس إطلا ًقا».
الطرائد المغاير لطبقتها وطبقة زوجها ،وبمعنى أدق
لكن هذا الحديث الجارح للزوج والمؤ ِّنب للابنة ،لا
أنها عثرت فيه عما تبحث عنه. يمر مرور الكرام ،فتعيده كوني على ذاتها ،وتقر بما
ثم يأتي دور الأصدقاء والمعارف والنقاد والكتاب،
يشبه الإقدام على ما تضمره من خطوة مستقبليَّة،
الذين عندما يأتون إليهم تكون مضيفة للجميع، ربما تكون مندفعة أو جنونية فيقول الراوي العليم
ومضيفة للعلاقات الأرستقراطية العارضة
وهو يعري داخلها« :لكن كوني تخمن أن والدها
لكلفورد ،لكن مع مرور الوقت تشعر كوني «بتوتر قال شيئًا ما ،وأن في عقل كلفورد شيئًا ما ،تعرف
متزايد ،نتيجة انفصالها» (الرواية :ص )46يتزايد أنه لا يبالي بأن تكون شبه عذراء أو مستهترة ،طالما
إحساسها بحياة الفراغ والخواء التي تعيشها ،ومن
ثم تشعر بأنها «على وشك التمزق بطريقة ما» ،كما لا يعرف إطلا ًقا ،ولم يكن مستع ًدا لأن يرى ،ما
لا تراه العين ولا يعرفه العقل لا يوجد» (الرواية:
أنها «تفقد التماس مع العالم الحقيقي والحيوي.
وبينما في حالة التخبط من الفراغ الذي تعيش فيه، صص.)44 -43
يأتي إليها صوت أبيها مح ِّر ًضا« :لماذا لا تتخذين كانت حياة كوني مع كلفورد حياة مملة تشعر
بالفراغ والخواء الجسدي ،لكنها تعيشها بصبر
عشي ًقا يا كوني؟ افعلي كل ما يسعدك». ودأب ،التحول في شخصيتها وشعورها بالمقت
وفي أول فرصة بعد وصول ميكاليس القادم من والنفور ث َّم التمرد لم يكن مصادفة ،وإنما ثمة
لندن ،تختبر أنوثتها ،ومع تبادلهما الغرام التام، عوامل ساهمت فيه ،وبالأحرى شخصيات عديدة
إلا أنها اكتشفت أنه لم يشبع رغبتها الجنسيَّة فهو دفعت كوني لأن تشعر بالسأم المعتاد ،فيقدم
«يأتي دائ ًما وينتهي بسرعة شديدة ،ثم يتقلص على
صدرها» ،فهي ليس بحاجة إلى الجنس بقدر ما هي الراوي تفاصيل دقيقة ومهمة في حياة كوني
بحاجة إلى عاطفة ودفء ،ومع هذا تواصلت معه، مع كلفورد تدفعها إلى النتيجة التي انتهت إليها،
بالرسائل تارة ،وتارة كانت تذهب إليه في لندن.
وفي هذا الصدد يكتب الناقد هارولد بلوم «أن
لم تكن زيارة ميكاليس إلا بداية الإحساس ثورة الليدي تشاترلي ،وإن كانت أخذت طاب ًعا
بشعورها بالخواء مع كلفورد ،وكأن الأمور تدفعها جسد ًّيا ،فإنها قريبة لثورة نورا بطلة مسرحية
إبسن الشهيرة بيت الدمية» ،بمعنى أنها ثورة على
بطريركية الرجل ،والنظام الاجتماعي م ًعا.
فهي تعيش معه في راجبي حياة مملة ،حياة في
الفراغ ،حياة «ليس لها جوهر أو أي شيء ،لا