Page 22 - merit 46 oct 2022
P. 22

‫العـدد ‪46‬‬   ‫‪20‬‬

                                                     ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬

  ‫هو فعندما يدخل الكوخ يقول‪« :‬إنها لطيفة ح ًّقا!‬     ‫بها لشعورها إلى الدفء‪ ،‬فلا يتأخر دون أن يحققه‪،‬‬
‫ألطف مما تعرف» (الرواية‪ :‬ص‪ .)127‬عدم مفارقة‬             ‫وفي زيارته الثانية لهم في راجبي‪ ،‬يحرضها هذه‬
‫صورته تدفعها أثناء حيرتها في معرفته كنهته‪ ،‬لأن‬         ‫المرة على الهرب‪ ،‬وأن يتزوج بها‪ ،‬وآلية دفاعه أن‪:‬‬
 ‫تسأل كلفورد‪« :‬ملورز‪ ،‬حارس الطرائد‪ ،‬شخص‬                  ‫«لا فائدة ترجى من هذا الرجل لك على الإطلاق‬

    ‫غريب‪ ،‬ربما يكون جنتلمان»‪ ،‬وعندما لا يبالي‬        ‫بقدر ما أرى؛ إنه متقوقع في نفسه تما ًما» (الرواية‪:‬‬
 ‫بسؤالها ويجيب إجابة عادية‪« :‬ربما؟ لم ألاحظ»‪،‬‬                                              ‫ص‪.)101‬‬

      ‫فتلح قائلة‪« :‬لكن أليس فيه شيء خاص؟»‬              ‫كما كانت الليدي بنرلي خالة كلفورد واحدة ممن‬
     ‫ومع أنه يقدم أشبه بتقرير عنه‪ ،‬إلا أنها تستاء‬     ‫ع َّمقوا إحساسها بالظلم وأنها تحيا حياة لا جدوى‬
     ‫من نظرته الدونية له‪ ،‬لأنه من الطبقات الدنيا‪،‬‬
 ‫فتعاود التساؤل من جديد‪« :‬لكن ألا تعتقد أن فيه‬           ‫منها‪ ،‬لدرجة أنها أخبرتها بأنها قالت لكلفورد‪:‬‬
    ‫شي ًئا خا ًّصا؟»‪ ،‬وعندما يجيب بالنفي «تشعر‬          ‫إذا تمردت هذه الفتاة ذات يوم فأنت المسؤول!»‬
 ‫باستغراب وقلق وما يشبه الريبة‪ .‬وتشعر أنه‬             ‫(الرواية‪ :‬ص‪ ،)134‬ثم تارة أخرى تقول لها وهي‬
 ‫لا يخبرها بالحقيقة‪ .‬إنه يخبر نفسه بالحقيقة‪،‬‬           ‫في حالة حنو عليها‪« :‬على المرأة أن تعيش حياتها‪،‬‬
‫هذه هي الحقيقة‪ .‬يكره أي إيحاء بوجود إنسان‬                ‫أو تعيش لتندم على أنها لم تعشها‪ .‬صدقيني!»‬

              ‫استثنائي ح ًّقا» (الرواية‪ :‬ص‪.)128‬‬                                   ‫(الرواية‪ :‬ص‪.)135‬‬
   ‫صورة ملورز تطاردها وإن كانت بمواربة‪ ،‬فبعد‬          ‫الإحساس بفقد المشاعر هو الحافز الأساسي لهذه‬
  ‫حوارها مع زوجها تصعد إلى غرفتها و»تفعل ما‬
   ‫لم تفعله منذ وقت طويل‪ :‬تخلع كل ملابسها‪،‬‬               ‫العلاقة التي لم يكن في بالها كسر الطبقية‪ ،‬مع‬
   ‫وتنظر إلى نفسها عارية في المرآة الضخمة‪ .‬لا‬        ‫علمها بأن كلفورد لا يمانع من أن تمارس الجنس‪،‬‬
                                                       ‫ولكن ليس مع حارس الطرائد لأنه يكره الطبقات‬
     ‫تعرف ما تبحث عنه‪ ،‬ولا تعرفه بالتحديد‪،‬‬           ‫العاملة‪ ،‬فلو حدث هذا مع أحد من طبقتها لتغاضى‬
 ‫لكنها تحرك المصباح ليلقي الضوء على جسمها‬             ‫عن الأمر‪ ،‬ولا ننسى أنه طلب منها أن تنجب طف ًل‬

      ‫كله»‪ .‬الشيء الجديد عليها أنها تبدأ تفكر في‬         ‫من آخر‪ ،‬دون أن يبالي بمن هذا الآخر‪ ،‬بل أكد‬
  ‫جسدها‪ ،‬وهو الأمر الذي يطرح سؤا ًل‪ :‬لماذا الآن؟‬         ‫على ثقته بأنها ستختار السلالة‪ .‬فكوني حسب‬
‫ولماذا لم تلاحظ التغيرات التي حلت عليه سوى بعد‬        ‫الراوي العليم في حوارها مع تومي دوكس تسأل‪:‬‬
  ‫رؤيتها لجسد ملورز عار ًيا‪ .‬أخذت بعد هذا اللقاء‬          ‫«أليس صحي ًحا أن الرجال يمكن أن يحبوا‬
 ‫العابر تعيد النظر في جسدها واحتياجاته‪ ،‬بل تنتقد‬      ‫النساء ويتحدثوا إليهن‪ .‬لا أدري كيف يمكن أن‬
   ‫التغيرات التي حلت به‪« :‬واجهة جسدها تصيبها‬         ‫يحبوهن بدون الحديث إليهن‪ ،‬ويكونوا أصدقاء‬
  ‫بالبؤس‪ .‬بدأت تترهل‪ ،‬ترهل النحافة‪ ،‬كانت ذابلة‬        ‫وحميمين‪ .‬كيف يمكن لهم؟»‪ .‬علاقتها بالحارس‬
                                                        ‫لم تكن من تلقاء نفسها‪ ،‬وإنما كلفورد هو الدي‬
   ‫تقريبًا»‪ ،‬حتى أنها خطر على بالها أنها أصبحت‪:‬‬       ‫دفعها إليها عندما أراد إرسال رسالة إلى الحارس‬
   ‫«عجو ًزا قبل أن تعيش ح ًّقا‪ .‬تفكر في الطفل الذي‬        ‫المصاب بالأنفلونزا فقامت كوني بالذهاب إليه‬
   ‫قد تحمله‪ .‬هل صحتها ملائمة‪ ،‬على أية حال؟ بل‬           ‫في داره‪ .‬وعندما تصل يكون المشهد الذي ُيحرك‬
  ‫عندما ذهب إلى سريرها راحت‪« :‬تنتحب بمرارة»‬              ‫نوازعها الداخليَّة المكبوتة‪ ،‬فتراه عار ًيا يستحم‪،‬‬
  ‫ولدت هذه الصورة التي تجسدت لها عبر مرآتها‬            ‫ومع إنها غادرت المكان إلى الخميلة إلا أن صورة‬
    ‫حق ًدا وتمر ًدا على من كان السبب فيما آلت إليه‪،‬‬   ‫الرجل لما تفارقها‪ ،‬تنتظره في تصميم على توصيل‬
‫وكأن لقاء ملورز عار ًيا هي لحظة التنوير الداخلية‪،‬‬      ‫رسالتها‪ ،‬وعندما يخرج إليها يكون سؤالها‪« :‬هل‬
                                                        ‫تعيش هنا وحي ًدا تما ًما؟» (الرواية‪ :‬ص‪.)126‬‬
       ‫وهو ما أشعل حق ًدا «ضد كلفورد‪ ،‬وكتاباته‬         ‫بعد اللقاء الأول بمفردهما ينتابهما شعور غريب‪،‬‬
 ‫وأحاديثه‪ :‬ضد كل صنفه من الرجال الذين سلبوا‬             ‫هي عندما تغادر الخميلة‪« :‬تعرف أنه يراقبها؛‬
  ‫من المرأة حتى جسدها» (الرواية‪ :‬ص‪ .)131‬حالة‬             ‫يسبب لها اضطرا ًبا شدي ًدا‪ ،‬رغ ًما عنها»‪ ،‬أما‬
 ‫التمرد تجتاحها‪ :‬أية فائدة من هذا كله؟ ما فائدة‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27