Page 18 - merit 46 oct 2022
P. 18

‫له‪« :‬يحصل المرء على كل ما يريد من‬                   ‫بصفة عامة كانت العلاقة بين الرجل‬
   ‫راسين‪ ،‬المشاعر المنظمة والمتبلورة أكثر‬
    ‫أهمية من المشاعر المشوشة» (الرواية‪:‬‬                   ‫والمرأة محور رؤيته للحياة الإنسانية‪،‬‬

     ‫ص‪ ،)242‬ولا تكتفي بهذا رغم نظرة‬                       ‫ومبعث هذا لتجربة حياته الشخصية‬
    ‫الاستفهام التي يحدجها بها‪ ،‬فتقول في‬
 ‫انتقاد للحياة الصناعية‪« :‬لا يعرف العالم‬                 ‫الأكثر إيلا ًما‪ ،‬والتي ُا ْستغلت أثناء أزمة‬
     ‫الحديث إلا المشاعر المبتذلة‪ ،‬يتركها‬                      ‫الرواية أسوَأ استغلا ٍل‪ ،‬إلا أ َّنه في‬
    ‫مهلهة‪ .‬ما نحتاج إليه هو الانضباط‬
  ‫الكلاسيكي»‪ .‬وتوضي ًحا لمقصدها تكمل‪:‬‬                    ‫المطلق كان ُيدرك الدور الجديد للفرد‬
‫«أجل‪ ،‬يتظاهر الناس بأن لديهم مشاعر‪،‬‬                           ‫في ظل العالم ال ِّصناعي ال َّصاخب‪،‬‬
‫وهم ح ًّقا لا يشعرون بشيء‪ .‬أعتقد أنها‬
  ‫رومانسية» (الرواية‪ :‬ص‪ .)243‬أما عن‬                      ‫ليس فقط في إصباغه بالأنانية‪ ،‬وإنما‬
  ‫استخدامه للكلمات الجنسيَّة المكشوفة في‬
  ‫الرواية‪ ،‬فكما يزعم كان غرضها «تحرير‬                    ‫في إصابته بالفقر والجدب‪ ،‬وكأنه في‬
  ‫هذه الكلمات من أية دلالات بذيئة‪ ،‬فليس‬                  ‫إشارات مبطنة ُيح ِّذُر من خطر انفصال‬
     ‫في ممارسة الجنس ما يشين أو يدعو‬
                                                          ‫الكائن الحي عن الكون أو الطبيعة‬
                               ‫للخجل»‪.‬‬
     ‫ُين ِّحي عبد المقصود عبد الكريم التيمة‬                ‫بذلك م ًعا‪ ..‬ألا تعتقدين ذلك؟» (الرواية‪ :‬ص‪.)90‬‬
   ‫الجنسيَّة التي ذاعت بها الرواية‪ ،‬وكانت‬                    ‫وهذا المنحى يأخذ بالرواية إلى إدانة تامة للثورة‬
 ‫أحد أهم أزماتها سواء في نشرها أو حتى‬
‫في ترجماتها‪ ،‬حيث سعى المترجمون العرب‬                       ‫الصناعية التي أفرطت في توحيش الذات الإنسانية‪،‬‬
 ‫إلى تحاشي الألفاظ الجنسيَّة الصريحة‪ ،‬إلى المرتبة‬              ‫بانغماسها في تحقيق مصالحها‪ ،‬حتى ولو كان‬
      ‫الثانية‪ .‬ويرى حسب قوله في مقدمة الترجمة‬                   ‫على حساب الأخلاق والشرف‪ .‬فهو غير ُمبا ٍل‬
  ‫الجديدة التي يراها الكاملة والصحيحة «أعتقد أن‬
    ‫التيمة الرئيسية للرواية هي العلاقة بين أرباب‬            ‫بمن والد الابن بقدر ما أنها ستعطيه ول ًدا ووريثًا‬
     ‫العمل «الطبقات الحاكمة» والع َّمال «الطبقات‬               ‫ُيحارب به من أجل البقاء على منجمه وضيعته‪،‬‬
   ‫الخادمة»‪ .‬كما تشير ال ِّرواية إلى ث َّمة ارتياب من‬
     ‫لورانس إزاء الثورة الصناعية وما أحدثته ِمن‬             ‫ومن ناحية ثانية يحافظ به على سيادة طبقته كما‬
    ‫تشويه لجمال الطبيعة‪ ،‬فقد صار «الريف بعي ًدا‬           ‫يقول العيوطي‪( .‬مجلة العربي عدد أغسطس ‪،1989‬‬
 ‫عن الأصالة ج ًّدا»‪ ،‬كما ح َّولت الع َّمال إلي عبيد عند‬
  ‫أصحاب المصانع‪ ،‬ويكفي معاملة كلفورد لك ِّل َمن‬                                                 ‫ص‪.)109‬‬
   ‫يعمل عنده‪ ،‬دلالة على هذه العجرفة التي يتعامل‬            ‫أما عن أسباب خيانة الزوجة بهجر زوجها‪ ،‬وإقامة‬
‫بها الأثرياء مع الطبقة الجديدة‪ .‬ونلمح هذا الجانب‬
  ‫الانتقادي متمث ًل في نبرة الراوي متتب ًعا الحارس‬               ‫علاقة بالحارس‪ :‬فيقول لورانس إنها‪ِ « :‬نتاج‬
  ‫بعد لقائه بكوني وقد غاب في طيات الغابة‪ ،‬حيث‬                   ‫الحضارة الصناعية المادية الحديثة‪ ،‬فمشكلته‬
     ‫الهدوء كان ضار ًبا‪ ،‬والقمر قد غاب‪ ،‬فنقم على‬              ‫تتلخص في أن دماءه تسري فيها برودة الموت‪،‬‬
    ‫صوت الآلة الخافت‪ .‬فهي الآلة الملعونة‪ ،‬التي لا‬           ‫وهو لا يفتقر إلى الدفء الإنساني فحسب‪ ،‬بل إنه‬
      ‫تلبث أن تلتهم الغابة وتعصف بالبقية الباقية‬            ‫فقد ك َّل صلة تربطه بالنساء وبزملائه من البشر‪،‬‬
  ‫من حريته واستقلاله وعزلته»‪ .‬فالجانب المهم في‬                ‫في حين أن حارس الصيد يتميز بدفء المشاعر‬
                                                           ‫والحيوية»‪ ،‬وهو المعنى الذي عبرت عنه كوني بعد‬
                                                            ‫قراءة كلفورد في إحدى الجلسات لراسين‪ ،‬فتقول‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23