Page 241 - merit 46 oct 2022
P. 241

‫‪239‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫من تصريح ‪ 28‬فبراير‬            ‫القومية التي تطرح ليلى‬      ‫اتحاد الأمم العربية إلا وليدة‬
   ‫عام ‪ ،1922‬وموقفها من‬           ‫أحمد نفسها وكأنها هي‬         ‫المؤتمر النسوي الذي نظمته‬
  ‫صراع سعد مع خصومه‬               ‫المدافعة عنها في مواجهة‬
  ‫السياسيين‪ ،‬وموقفها من‬                                             ‫للدفاع عن فلسطين في‬
 ‫فصل السودان عن مصر‪.‬‬                 ‫الخطاب الاستعماري‬       ‫أكتوبر سنة ‪1938‬؟ لقد كانت‬
   ‫(هدى الصدة وعماد أبو‬          ‫الذي يجسده أمثال قاسم‬       ‫شخصيتها العظيمة المثل الحي‬
    ‫غازي‪ ،2001 ،‬ص‪)85‬‬            ‫وهدى‪ .‬متناسية أن هؤلاء‬
                                ‫الداعين والداعيات إلى خلع‬        ‫للضمير القومي»‪( .‬ذكرى‬
     ‫وهو ما دفع كاتبًا مثل‬       ‫الحجاب كانوا في الطليعة‬        ‫فقيدة العروبة‪ ،‬صص‪-18‬‬
‫فكري أباظة إلى كتابة مقال‬      ‫الأولى المناهضة للاستعمار‬
 ‫مطول في جريدة السياسة‬          ‫وخطابه‪ ،‬ليس فقط بمجرد‬                               ‫‪)19‬‬
                                                                   ‫أو تشوية صورتها من‬
   ‫في نوفمبر ‪ُ 1924‬يحييها‬          ‫القول وإنما قو ًل وفع ًل‬   ‫خلال إساءة التأويل المتعمدة‬
 ‫فيه على موقفها من قضية‬                        ‫وتنظي ًما‪.‬‬           ‫لأفعالها مثل أن خلعها‬
  ‫فصل السودان عن مصر‬                                              ‫للحجاب ليس إلا بتأثرها‬
                                  ‫من المؤكد أن القول بأن‬       ‫بصديقتها يوجين لو برون؛‬
   ‫«سيدتي هدى شعراوي‬               ‫الاستعمار قد استخدم‬            ‫ولذا يبدو أن أحكا ًما من‬
‫أحييك ثم أهنئك‪ :‬أما التحية‬       ‫النسوية وهدى شعراوي‬                ‫قبيل أحكام ليلى أحمد‬
 ‫فلجمالك الوطني‪ ،‬وجلالك‬       ‫لخدمة أغراضه الاستعمارية‪،‬‬        ‫(‪ )176 ,1992 ,Ahmed‬من‬
 ‫القومي‪ ،‬وأما التهنئة فلأن‬        ‫لهو تج ٍّن خبيث وكاذب؛‬      ‫أن النسويات الأوروبيات من‬
                                ‫لم يرا ِع تاريخها السياسي‬      ‫أمثال يوجين لو برون التي‬
      ‫دولة الرجال في عالم‬         ‫الوطني الحافل بالنضال‬         ‫طوت هدى شعراوي تحت‬
    ‫الجهاد قد دالت وقامت‬        ‫بداية من تنظيم المظاهرات‬        ‫جناحها هن من كن ُيعرفن‬
 ‫على أنقاضها دولة النساء‪.‬‬        ‫ضد الاستعمار والخروج‬            ‫الشابات المسلمات بمعنى‬
‫كنت خص ًما للجنس اللطيف‬                                      ‫الحجاب وفق الفهم الأوروبي‬
  ‫لما كان الجنس اللطيف لا‬             ‫على رأسها‪ ،‬ومرو ًرا‬        ‫له‪ ،‬وبضرورة الحاجة إلى‬
 ‫يفكر إلا في الأزياء الجديدة‬  ‫بعشرات البيانات والبرقيات‬      ‫خلعه كخطوة أولى في النضال‬
     ‫والألوان العديدة‪ ،‬وأما‬   ‫والمقالات والخطب والكلمات‬      ‫من أجل تحرير المرأة‪ ،‬ما يعني‬
 ‫اليوم وقد تظاهر للسودان‬                                         ‫أن هدى شعراوي لم تكن‬
    ‫قبل أن يتظاهر الرجال‪،‬‬        ‫المُنددة بالاستعمار داخل‬       ‫سوى ألعوبة في يد يوجين‬
  ‫وأما اليوم وقد احتج على‬        ‫وخارج مصر‪ ،‬ورئاستها‬           ‫ومن هم على شاكلتها‪ ،‬فهي‬
‫بلاغ السودان قبل أن يحتج‬      ‫للجنة الوفد المركزية للنساء‪،‬‬        ‫إن كانت تسيء إلى هدى‬
‫الرجال‪( .»..‬هدى شعراوي‪،‬‬           ‫ودورها في تأسيس بنك‬          ‫شعراوي فهي تسيء أي ًضا‬
                               ‫مصر‪ .‬بل إن وطنيتها كانت‬          ‫لكل من رفضن ويرفضن‪،‬‬
          ‫‪ ،2013‬ص‪)198‬‬         ‫تدفعها في العديد من المواقف‬         ‫حتى يومنا هذا‪ ،‬الحجاب‬
   ‫إن وطنية هدى تتجلى في‬          ‫إلى مجابهة أكبر القامات‬        ‫عن اقتناع شخصي‪ ،‬وهن‬
  ‫عشرات المواقف‪ ،‬ولا أدل‬                                          ‫متمسكات في الوقت ذاته‬
   ‫على ذلك من هذا الموقف‬           ‫السياسية في البلاد من‬     ‫بانتمائهن الإسلامي على كافة‬
    ‫الذي تجابه فيه زوجها‬          ‫وزراء ورؤساء وزارات‪،‬‬           ‫المستويات‪ .‬ولذا فإن مثل‬
 ‫بكل حسم وثبات وترفض‬             ‫إلى الحد الذي بلغ بها إلى‬      ‫هذا الطرح الذي تقدمه ليلى‬
                                 ‫أن تقف في مواجهة سعد‬           ‫أحمد يبدو طر ًحا آليًّا وف ًّجا‬
     ‫الإذعان أو الاستجابة‬       ‫زغلول زعيم الأمة في أكثر‬      ‫ومتهافتًا و ُمسيئًا للشخصية‬
     ‫لإرادته حين حاول أن‬          ‫من موقف وفي أكثر من‬
     ‫يحول بينها وبين نداء‬          ‫سياق دفا ًعا عن حقوق‬
                                 ‫مصر وتحررها‪ ،‬كموقفها‬
        ‫الوطن وأن تشارك‬
   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246