Page 246 - merit 46 oct 2022
P. 246

‫العـدد ‪46‬‬          ‫‪244‬‬

                                                           ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬       ‫وأضاف قليني باشا‪ :‬إن‬
                                                                        ‫سلطان باشا كان يشغل مركز‬
    ‫العرابية وحفظ العرش‬        ‫البارودي إنني أولى بالمُلك‬                ‫حاكم الصعيد العام‪ ،‬وكان ذا‬
  ‫من التهديد‪ .‬وبانتهاء ذلك‬   ‫لأني من سلالة ملوك‪ ،‬وقال‬
                                                                         ‫جاه عريض وسلطة واسعة‪.‬‬
   ‫تكون مهمتهم قد انتهت‬          ‫عرابي‪ :‬ولكني أنا رئيس‬                    ‫فمن هذا يعلم أنه لم يكن في‬
   ‫وينصرفون إلى بلادهم‪،‬‬        ‫الحركة الوطنية وموحدها‪،‬‬                  ‫احتياج إلى جاه غيره ليتوصل‬
   ‫أكدوا هذا لسلطان باشا‬       ‫وقال آخرون غير ذلك إلى‬
    ‫الذي كان شغو ًفا بحب‬      ‫أن قال طلبه عصمت باشا‪:‬‬                         ‫إلى مركز عال‪ .‬ولما بدأت‬
  ‫وطنه وخائ ًفا من سيطرة‬     ‫لكل منا أعمال عظيمة في هذه‬                    ‫الحركة العرابية ورأى من‬
   ‫الإنجليز عليه؛ لأنه ليس‬                                                ‫مبادئها خدمة البلاد‪ ،‬انضم‬
                                ‫الحركة‪ ،‬فيجب أن نعامل‬                   ‫إليها بكل نفوذه وعضدها بكل‬
     ‫من المعقول أن سلطان‬          ‫كلنا بالسواء بلا تمييز‬                ‫قواه‪ ،‬لا حبًّا بوظيفة؛ لأنه كان‬
     ‫باشا يحارب الاحتلال‬                                                  ‫يشغل أعظم المراكز‪ ،‬بل حبًّا‬
 ‫التركي‪ ،‬الذي كان في نظره‬    ‫واحد على الآخر‪ ،‬فيحسن أن‬
‫كابو ًسا على البلاد‪ ،‬ويسعى‬     ‫نجعل كل مديرية خديوية‬                                ‫في خدمة البلاد‪.‬‬
‫للاستعاضة عنه بالاحتلال‬           ‫قائمة بنفسها‪ ،‬وكل منا‬                  ‫وعندما ألف البرلمان‪ ،‬انتخبته‬
                               ‫يكون خديو ًّيا لها‪ .‬وحينئذ‬
               ‫الإنجليزي‪.‬‬                                                   ‫الأمة رئي ًسا له‪ ،‬ولا يعقل‬
‫وأود أن أذكر هنا أن عرابي‬    ‫يئس عرابي‪ ،‬واستحسن مع‬                        ‫أن الذي يتقلد وظيفة رئيس‬
‫باشا كان قد أمر بأن تؤخذ‬      ‫البعض أن تبقى الحالة كما‬                     ‫البرلمان يطمع في أن يكون‬
                               ‫هي عليه‪ .‬وبعد ذلك توجه‬
    ‫ممتلكات أبي من غلال‬                                                     ‫وزي ًرا؛ لأن وظيفة رئيس‬
‫وخيل وغيرهما‪ ،‬وترسل إلى‬         ‫عرابي إلى سراي سلطان‬                       ‫البرلمان فوق وظيفة رئيس‬
‫مخازن الإنجليز‪ ،‬وأن يختم‬         ‫باشا‪ ،‬وشكره على نظره‬                       ‫الوزراء‪ .‬وقال‪ :‬أذكر أنني‬
 ‫البيت بالشمع الأحمر حتى‬
                                                ‫البعيد‪.‬‬                      ‫كنت مع المرحوم سلطان‬
  ‫ينظر في أمره‪ .‬وبعد فشل‬            ‫نظر سلطان باشا إلى‬                  ‫باشا في سراية ذات يوم‪ ،‬وإذا‬
   ‫عرابي ونفيه إلى جزيرة‬          ‫كل هذه الأحوال‪ ،‬وقال‬                  ‫بعرابي قد حضر ومعه ضباط‬
  ‫سرنديب‪ ،‬أمرت الحكومة‬             ‫للعرابيين‪ :‬إنه يحسن‬
                                ‫بالجيش المصري أن يقف‬                      ‫من الجيش وطلبوا منه عقد‬
 ‫بصرف عشرة آلاف جنيه‬          ‫عند هذا الحد؛ لأن الأجانب‬                    ‫البرلمان في الحال‪ ،‬فسألهم‬
‫لوالدي على سبيل التعويض‬         ‫قلقون جدا من العسكرية‬                     ‫عن الموضوع الذي يريدون‬
                              ‫الدائمة‪ ،‬فلم يرق هذا القول‬                  ‫أن يتكلموا فيه‪ ،‬فقالوا‪ :‬عزل‬
     ‫الرمزي‪ ،‬عن الخسائر‬       ‫للعرابيين وعدوه خيانة من‬                      ‫الخديوي‪ ،‬فقال لهم‪ :‬وهل‬
‫المادية التي لحقته من جراء‬      ‫سلطان باشا‪ ،‬ولم يعبأوا‬                  ‫رشحتم من يخلفه حتى يكون‬
                                  ‫بنصيحته‪ ،‬بل ظلوا على‬                    ‫قرار البرلمان بالعزل شام ًل‬
    ‫تلك التصرفات‪ ،‬فانتهز‬      ‫تهديد العرش مما استوجب‬                      ‫لتعيين الخلف‪ .‬وكان عرابي‬
  ‫ضعاف العقول والبصائر‬       ‫مخاوف الخديوي‪ ،‬فاستغاث‬                      ‫ينتظر من الجميع أن يقولوا‪:‬‬
 ‫هذا الأمر للتشهير بوالدي‪،‬‬         ‫بأوروبا لتساعده على‬                     ‫إن الخلف عرابي‪ ،‬ولكن لم‬
  ‫وقالوا‪ :‬إنه منح المبلغ مع‬    ‫خلاص عرشه من التهديد‪.‬‬                        ‫ينطق أحد منهم‪ ،‬وبعد أن‬
  ‫الخديوي توفيق لمساعدة‬         ‫وعند دخول الإنجليز إلى‬                      ‫تداولوا فيما بينهم قرروا‬
                                 ‫مصر‪ ،‬أراد سلطان باشا‬                     ‫تأجيل البت في ذلك إلى الغد‪.‬‬
       ‫الإنجليز على كذبهم‬     ‫أن يتحقق إلى أي حد ترمي‬                       ‫وعقدوا اجتما ًعا في منزل‬
    ‫وافترائهم‪ ،‬ولو فرضنا‬        ‫المقاصد الإنجليزية‪ .‬فأكد‬                ‫عرابي للمداولة‪ ،‬فاشتد الهرج‬
   ‫المستحيل‪ ،‬فإنه لا يمكن‬     ‫الجنرال دلسلي قائد الحملة‬                    ‫بينهم‪ ،‬فقال محمود سامي‬
  ‫أن يبيع مصر بهذا الثمن‬      ‫أن مهمتهم هي إخماد الفتنة‬
     ‫البخس الذي لا يوازي‬

      ‫قطرة في بحر ثروته‪.‬‬
       ‫ولقد كان من نتيجة‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251