Page 245 - merit 46 oct 2022
P. 245

‫‪243‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫ولكنه لما رأى الأمة تتحدث‬     ‫الاتهام الثالث‪ :‬الذي‬              ‫أن في الحجاب عائ ًقا لها‬
  ‫باسم عرابي بكل إعجاب‬          ‫ظل يلاحقها طوال‬              ‫ولغيرها عن ممارسة حياتها‬
   ‫وثناء تسرب الحسد إلى‬         ‫حياتها‪ :‬أنها ابنة‬
  ‫نفسه‪ .‬ولما تشكلت وزارة‬       ‫محمد سلطان باشا‬                    ‫السياسية والاجتماعية‪،‬‬
   ‫محمود باشا سامي كان‬          ‫الذي اتهم بخيانة‬               ‫فقامت بنزعه حتى يتنسى‬
                                 ‫عرابي والثورة‬                ‫لغيرها القيام بهذه الخطوة‪،‬‬
 ‫يطمع أن يكون فيها وزي ًرا‬    ‫وكان سب ًبا في دخول‬             ‫وها هو المشهد كما تصوره‬
 ‫فلم يتحقق أمله‪ .‬وعلى ذلك‬        ‫الإنجليز مصر‪:‬‬                  ‫سنية شعراوي‪« :‬وصلت‬
  ‫أخذ يضلل أعضاء مجلس‬                                          ‫الباخرة إلى الإسكندرية في‬
  ‫النواب وغيرهم وينفرهم‬         ‫لقد نسبت إلى والدها ته ًما‬  ‫‪ ٢٨‬مايو ‪ ،١٩٢٣‬وكان محمود‬
‫من عرابي ويغريهم بالتخلي‬           ‫بخيانة عرابي والثورة‪،‬‬    ‫سامي‪ ،‬زوج ابنة هدى قد جاء‬
                                 ‫وأنه كان سببا في دخول‬         ‫للترحيب بعودتها‪ .‬وحينما‬
    ‫عنه‪ .‬ولكنه لم يفز؛ لأن‬                                     ‫صعد على الباخرة‪ ،‬تحدثت‬
 ‫الأمة بكل طبقاتها كانت في‬     ‫الإنجليز مصر بتلقيه أموا ًل‬    ‫معه عن خطتها لنزع النقاب‬
                                ‫من الخديوي توفيق مقابل‬      ‫حتى تطمئن أن فعلها لن يمثل‬
   ‫جانب عرابي إلى النهاية‪.‬‬    ‫رفضه لمواقف عرابي‪ ،‬ودفع‬        ‫له فضيحة‪ .‬وكانت سعادتها‬
 ‫وقد تصدى له قليني باشا‬          ‫رشاوى لعدد من العربان‬         ‫غامرة لموافقته على خطتها‪.‬‬
 ‫فهمي؛ حيث نشر مقا ًل في‬        ‫والقيادات العسكرية الذين‬     ‫وقال لها إنه يعتقد أنه قد آن‬
 ‫جريدة المقطم يوم الأربعاء‬      ‫خانوا عرابي‪ ،‬وكان رئيس‬          ‫الأوان لاتخاذ تلك الحركة‬
 ‫نوفمبر ‪ ١٩٢٣‬قال فيه‪ :‬إن‬      ‫مجلس النواب المصري الأول‬         ‫في مصر‪ .‬وأن سمعة هدى‬
 ‫منشأ الحركة العرابية كان‬                                       ‫التي لا غبار عليها سوف‬
                                 ‫في عهد الخديوي توفيق‪،‬‬          ‫تضفي الشرعية على هذه‬
    ‫سببًا عن الظلم والجور‬       ‫وأنعمت عليه بريطانيا بعد‬    ‫الحركة‪ .‬وكانت نبوية موسى‬
‫اللذين لحقا بضباط الجيش‬
                                  ‫الاحتلال بنياشين مقابل‬         ‫قد نظمت تغطية إعلامية‬
    ‫المصريين؛ حيث كان لا‬                        ‫خدماته‪.‬‬       ‫لعودة السيدتين لكى تكون‬
 ‫يسمح لأي ضابط مصري‬                                          ‫حد ًثا يحظى بأقصى قدر من‬
                               ‫وقد أوردت هدى شعراوي‬            ‫الانتشار‪ .‬وقابلهما مراسل‬
     ‫مهما كانت مواهبه أن‬          ‫هذا الاتهام في مذكراتها‬      ‫من الأهرام في الإسكندرية‬
     ‫يتعدى رتبة أميرالاي‪،‬‬                                   ‫ورافقهما بالقطار إلى القاهرة‪.‬‬
 ‫فأوجب هذا تذمر الضباط‬         ‫وقامت بالرد عليه‪ :‬كان عبد‬
   ‫المصريين ما ترتب عليه‬         ‫السميع أفندي «ابن أحمد‬         ‫وفي محطة القاهرة‪ ،‬نزلتا‬
    ‫قيامهم بحركة ضد هذا‬           ‫عرابي» قد كتب مقالات‬        ‫من القطار مكشوفتي الوجه‬
‫الاحتلال التركي الجركسي‪،‬‬             ‫في جريدة المحروسة‪،‬‬        ‫وواجهتا لحظة من الصمت‬
‫وكان هذا هو الأساس الذي‬         ‫ذكر فيها أن سلطان باشا‬
    ‫قامت من أجله الحركة‬           ‫كان من رؤساء الحركة‬            ‫المذهول‪ ،‬أعقبها قيام كل‬
 ‫العرابية‪ .‬ولما كان البرنامج‬       ‫الوطنية‪ ،‬وكان يظن أنه‬     ‫النساء من دائرتهما‪ ،‬واللائي‬
‫يشمل أي ًضا طهارة المصالح‬         ‫يستطيع بمواهب عرابي‬       ‫جئن للاستقبال بنزع نقابهن‪.‬‬
‫الملكية من الموظفين الأتراك‬                                 ‫كان المشهد رائ ًعا ووصفه كل‬
    ‫والجراكسة‪ ،‬فقد انضم‬        ‫وقوة الجيش الحصول على‬         ‫من حضره بحماس في الأيام‬
‫إليهم كثير من أعيان البلاد‬     ‫رئاسة البرلمان‪ ،‬فأيد عرابي‬     ‫التالية»‪:2012 Sharawi( .‬‬
 ‫وكبرائها‪ ،‬وأخذ يناصرهم‬
  ‫المرحوم سلطان باشا بما‬          ‫في جميع الأحوال إلى أن‬                           ‫‪)98‬‬
   ‫كان له من النفوذ الكبير‬    ‫فازت الأمة بالمجلس النيابي‪.‬‬

          ‫والسلطة العالية‪.‬‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250