Page 113 - merit 41- may 2022
P. 113
111 إبداع ومبدعون
القصــة في سوريا
أشاحت بوجهها وهي تر ِّدد:
-ما نفعها ستكون نصف قبلة.
واظب الرجل على الظهور بنصف القناع الذي
يغطي جانب وجهه ،لكن أح ًدا لم يطرح السؤال
عليه ،ب َّرروا إحجامهم بتجنيبه الإحراج ،أما الحقيقة
فالرجل المقنَّع لم يعطهم فرصة الاقتراب منه ،أو
تبادل أحاديث قد توصل لطرح الأسئلة ،أحاط
نفسه بهالة من الصمت .يدخل محل البقالة ،ينتقي
ما يحتاج ،يدفع ثمنه دون سلام أو كلام.
لم ينتبه أحد إلى حقيقة أنهم لم يسمعوا
صوته أي ًضا ،هل كان أبكم؟ لم يعلم
أحد .كما أن أح ًدا لم يفكر ِ َل ل ْم
يحت ْج م َّرة للسؤال عن موقع أي
مرفق عام ،وكأ َّنه يعرف طرق
البلدة وتشعباتها عن ظهر
خريطة محفوظة غيبًا.
سنوات مضت والوافد
الجديد لم يعد جدي ًدا،
ولم يعد واف ًدا .عاش
بينهم بقناعه النصفي،
تز َّوج ،وأنجب قبيلة
من الأبناء والأحفاد،
جميعها تضع قنا ًعا
على نصف وجهها
الأيسر.