Page 115 - merit 41- may 2022
P. 115

‫‪113‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصــة في سوريا‬

                                          ‫هي‪:‬‬                        ‫انتظار‬
‫تحكم إغلاق النوافذ وتنظر في وجه وليدها وتهمس‬
                                                        ‫(السادس من تشرين الأول عام ألفين وخمسة)‬
    ‫له‪« :‬لا تكن عائ ًقا‪ ،‬لن أتركك يو ًما‪ ،‬لكن أرجوك‬                                             ‫هو‪:‬‬
                                     ‫ساعدني»‪.‬‬
                                                       ‫الخريف طقس الانتظار‪ ،‬يجلس في المقهى وحي ًدا‪،‬‬
       ‫(السابع من أيلول عام ألفين وأربعة عشر)‬                      ‫يد ِّخن ويكتب‪ ..‬يطالع الما َّرة ويكتب‪.‬‬
                                           ‫هو‪:‬‬                                                  ‫هي‪:‬‬

‫الريح تعوي وما من ورقة بيضاء في دفتره‪ ،‬يقصد‬           ‫تنفض عن كتفيها الأوراق الصفراء‪ ،‬تدخل من باب‬
‫الهوامش ويرص الكلمات بعضها إلى بعض‪ ،‬المقهى‬              ‫الجامعة بخطا واثقة‪ ،‬لا يسع الكون فرحتها‪ ،‬من‬
 ‫يع ُّج بالنَّاس‪ ،‬لكنَّه يدخن وينظر في ساعته و يكتب‬               ‫هذا المدخل ستعب ُر إلى سمائها الأعلى‪.‬‬

                                        ‫وحي ًدا‪.‬‬              ‫(الرابع عشر من آذار عام ألفين وتسعة)‬
                                          ‫هي‪:‬‬                                                   ‫هو‪:‬‬

     ‫غريبة في منزلها تطل من شرفة على الأشجار‬            ‫ينفخ في أصابعه‪ ،‬ينظر في ساعته‪ ،‬يفتح صفحة‬
    ‫العارية‪ ،‬تمسك بالقلم وتكتب قصيدتها الأولى؛‬         ‫أفق بيضاء جديدة‪ ،‬ويشرع في الكتابة ثم يتوقف‪،‬‬
                                                     ‫علبة ال َّسجائر فارغة‪ ،‬يرجو القصيدة ألا تطير ريثما‬
               ‫لعنتها الأولى‪ ..‬وتصعد أ َّول سماء‪.‬‬
                                                                            ‫يجلب علبة سجائر أخرى‪.‬‬
‫(السادس والعشرون من نيسان عام ألفين وتسعة‬                                                       ‫هي‪:‬‬
                                         ‫عشر)‬
                                           ‫هو‪:‬‬            ‫ترتجف بر ًدا وهي تنظر في المرآة وتتمتم‪« :‬لمن‬
                                                      ‫الأبيض؟ أعلم أ َّنني أسير في الوجهة الخاطئة‪ ،‬لكن‬
     ‫يسير في طريق طويل وهو يتمتم‪« :‬كم ربيع‬
      ‫مضى؟!»‪ ،‬يد ِّخن ويترك قصاصات قصائده‬                 ‫أريد أن أخرج من هنا بأي ثمن»‪ ،‬تدير ظهرها‬
                                                                                    ‫للسماء وتمضي‪.‬‬
                             ‫تتساقط من جنبيه‪.‬‬
                                          ‫هي‪:‬‬           ‫(الثاني من كانون الثاني عام ألفين وأحد عشر)‬
                                                                                                ‫هو‪:‬‬
 ‫الطريق معبد بالزهور‪ ،‬تحمل مسودات نصوصها‬
‫وتدخل المقهى‪ ،‬تقصد طاولته فلا تجده‪ ،‬غير أ َّنه قد‬        ‫السماء غاضبة والمطر شديد في الخارج‪ ،‬يراقب‬
                                                       ‫قطراته على زجاج المقهى‪ ،‬وعقرب الدقائق يلسعه‪،‬‬
         ‫ترك لها ورق ًة كتب عليها‪« :‬لقد تأخر ِت»‪.‬‬
                                                                              ‫يد ِّخن طوي ًل‪ ،‬ثم يكتب‪.‬‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120