Page 114 - merit 41- may 2022
P. 114

‫العـدد ‪41‬‬                            ‫‪112‬‬

                                                                  ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

‫نور الموصلي‬

‫(سوريا)‬

‫انتظار ومسمار زائد‬

      ‫مراه َم من َّوع ٍة على ورقة‪ ،‬ق َّدمها لي وهو يكرر‬                  ‫مسمار زائد في جدار‬
    ‫مؤك ًدا‪“ :‬تذ َّكري أ َّن أه َّم علا ٍج هو اللا مبالاة”‪،‬‬
‫اشتري ُت ما وصفه لي من أدوي ٍة وواظب ُت على تناول‬                    ‫ث َّمة مسامي ُر زائد ٌة في جدران ك ِّل منز ٍل لا أعلم‬
    ‫المه ِّدئ في أوقاته المح َّددة‪ ،‬والتزم ُت بفرك مكان‬         ‫فائدتها‪ ،‬لم ين َس مهندسو الديكور مثل تلك المسامير‬
                                                                ‫التي تش ِّوه الجدران؟ أمن أجل اللوحات؟ وهل يملك‬
                  ‫البثرة بالخلط َة صبا ًحا ومسا ًء‪.‬‬
‫غير أ َّنني لم أستسغ أقراص اللامبالاة التي وصفها‬                  ‫أح ٌد هذه الأيام ثم َن قوت يومه كي يشتري لوح ًة‬
‫لي طبيبي‪ ،‬فكيف للإنسان ألا يبالي بك ِّل ما يحيط به‬                                                ‫تز ِّين جدرانه؟‬

  ‫من ظرو ٍف ومشكلا ٍت وهموم؟ ذاك علاج لا أحد‬                      ‫كنت أتأ َّمل مسما ًرا في غرفتي حين شعر ُت بنقط ٍة‬
                                                                      ‫خلف رقبتي تح ُّكني ج ًّدا‪ ،‬كد ُت أنه ُش مكانها‬
‫يطيقه‪ ،‬حتى الأطباء أنفسهم‪ ،‬يقدمون لنا نصائح لا‬
                                                                  ‫بأظفاري‪ ،‬لكنَّها لم تهدأ ثانية‪ ،‬مع مرور الساعات‬
                            ‫يستطيعون تطبيقها‪.‬‬                   ‫تط َّور أم ُر الح َّكة وصر ُت أشع ُر بوخ ٍز يرافقها وكأ َّن‬
    ‫مضى شه ٌر كام ٌل وأنا مواظب ٌة على دوائي‪ ،‬لك َّن‬
   ‫رقبتي بقيت تأكلني كالسابق وأكثر وأنا أحاول‬                                    ‫شيئًا ما يحفر جلدي من الداخل‪.‬‬
                                                                    ‫م َّرت أيام والح َّك ُة تزداد والألم يتفاقم حتَّى بات‬
     ‫إقناع نفسي أ َّن ألمي سيزول مع العلاج قريبًا‪.‬‬                  ‫الأمر مؤ ِّر ًقا ج ًدا‪ ،‬لم أعد أستطيع النو َم أو حتى‬
 ‫هذا الصباح ‪-‬رغم أ ِّني لم أنم ليل َة أمس بسهولة‪-‬‬                  ‫التفكي َر في أمر آخر‪ ،‬غدا ألمي يشغلني عن ك ِّل ما‬
                                                                   ‫سواه‪ ،‬قصدت طبي َب الجلد َّي ِة لعلَّه يكشف علَّتي‪،‬‬
    ‫صحو ُت باك ًرا على أل ٍم فظيع‪ ،‬شعر ُت كما لو أ َّن‬              ‫فحص الطبي ُب ما خلف رقبتي بمجه ٍر فتبدت له‬
   ‫جلدي يتم َّزق‪ ،‬مدد ُت يدي وراء عنقي لأتح َّسس‬                ‫بثر ٌة ناتئ ٌة كبير ٌة حمراء‪ ،‬ش َّخص مرضي بما يس َّمى‬
‫البثرة‪ ،‬فلمس ُت خي ًطا خشنًا‪ ،‬تح َّسسته أكثر فإذا به‬             ‫(حزاز منبسط) وشرح لي أ َّنه مرض جلدي نفسي‬
                                                                    ‫علاجه الأهم هو اللا مبالاة‪ ،‬ضحك ُت وهو ير ِّد ُد‬
                ‫خي ُط ق ٍّش طوي ٍل يخرج من البثرة‪،‬‬                ‫تلك الكلمة بجد َّي ٍة كما لو أ َّنه يناولني قر َص دواء‪،‬‬
                                                                    ‫وأردف بكتابة اسم أحد أنواع المهدئات وخلط ِة‬
‫نهض ُت من سريري وا َّتجه ُت نحو المسمار الزائد في‬
‫جدار غرفتي وعلَّق ُت جسدي من خيط الق ِّش الناتئ‬
  ‫في عنقي وأنا أر ِّد ُد‪ :‬يبدو أ َّنه لا ب َّد من اللا مبالاة‪.‬‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119