Page 110 - merit 41- may 2022
P. 110

‫إبداع ومبدعون‬     ‫العـدد ‪41‬‬  ‫‪108‬‬

‫القصــة في سوريا‬  ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

‫غفران طحان‬

‫(سوريا)‬

‫مكا ٌن لوش ٍم أخير‬

                        ‫اختيار مكان مناس ٍب لوشم جديد وسط هذه‬
                  ‫الفوضى التي تعلو جسدي مسألة معقدة‪ ،‬ومرعبة‬

                    ‫أي ًضا‪ ،‬فعليَّ أن أمر على تاريخ هذا الجسد البائس‬
                   ‫وش ًما وش ًما حتى أجد مكا ًنا ملائ ًما لتاريخ جديد‪.‬‬
                  ‫كنت قد أدرك ُت منذ فتر ٍة طويل ٍة أن ذاكرتي العلوية‬
                  ‫لم تعد تتسع لتفاصيلي‪ ،‬وأنها تخونني‪ ،‬مما جعلني‬
                  ‫مهوو ًسا بالوشوم‪ ،‬وبالاستعانة بكل تضاريس هذا‬

                                        ‫الجسد لملئه بذاكرة جديدة‪.‬‬
                        ‫بدأ الأمر عندما قابلت حبيبتي الأولى في أحد‬
                  ‫الفنادق‪ ،‬ورحت أتحدث إليها بشك ٍل عاد ٍّي‪ ،‬متجاو ًزا‬
                      ‫رعشة الحب في بداياته‪ ،‬وتفاصيل الرهبة التي‬

                                                     ‫تسبق البوح‪.‬‬
                      ‫كنت أستغرب جرأتي على مداعبة خدها‪ ،‬ومس‬
                       ‫رقبتها‪ ،‬بل إنني قبلتها أي ًضا‪ ،‬كانت تصرفاتي‬
                     ‫العفوية‪ ،‬والتي تقابلها حبيبتي بهدوء وانسجام‪،‬‬
                     ‫تجعلني ملتا ًثا رغم الشغف الذي راح يتدفق من‬
                       ‫تفاصيل جسدي الذي بدا متواطئًا مع المشهد‪.‬‬
                      ‫ما اكتشفته من خلال حديثنا الذي رحت أقوده‬
                     ‫بذكاء‪ ،‬أننا نلتقي منذ ما يقارب الشهرين‪ ،‬وأنني‬
                     ‫بحت لها بحبي بطريقة مبتكرة‪ ،‬حيث كنت أد ِّل‬
                   ‫رأسي من سيارة مسرعة‪ ،‬وأمد لها وردة صار ًخا‬
                  ‫“أحبك!”‪ ،‬ضحكت من المفاجأة‪ ،‬أقصد من الذكرى‪،‬‬
                  ‫حسب ما أكدته حبيبتي‪ ،‬وبيني وبيني قلت عن آلية‬
                     ‫اعترافي بالحب‪“ :‬طريقة غبية وليست مبتكرة”‪.‬‬
                    ‫لم أذكر أ ًّيا من تلك التفاصيل‪ ،‬الدليل الوحيد على‬
                    ‫صدق ما روته لي هو أنني ح ًّقا أحببتها‪ ،‬بل إنني‬
                       ‫أذوب شو ًقا إليها‪ ،‬غير أنني لا أذكر متى وأين‬

                                            ‫وكيف حدث كل ذلك؟!‬
                  ‫رأيت وش ًما على شكل صبارة صغير ٍة على ذراعها‪،‬‬

                      ‫وسألتها عنه‪ ،‬فأجابت‪ :‬كم مرة سألتني؟ فقلت‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115