Page 105 - merit 41- may 2022
P. 105
103 إبداع ومبدعون
القصــة في سوريا
طعام َك وهيئ ن ْفس َك لعش ِر دقائق تقضي خلالها
حاجت َك وترجع إلى وكرك».
ث َّم يبصق من الفتحة نفسها ويغلقها كمن يغل ُق
س َّحا َب بنطاله.
فعل ُت كما أ َم َرني ،تجاهل ُت ال ُبصا َق علي البلاط،
وقضي ُت النَّهار في إطعا ِم الخو ِف الذي في داخلي،
وتدريبه لمهم ٍة باتت قريب ًة ج ًّدا.
وكذل َك في اليومين الخام ِس وال َّسادس ،تك َّرر ْت
نفس الأشيا ِء ،وصار الخو ُف أكب َر من أن يظ َّل في
داخلي ،فقم ُت بإخراجه وإخفائه تح َت ال َّسرير.
البارح َة ،كن ُت أنا ال َّس َّجان ،وبع َد أن بصق ُت للم ّر ِة
ال َّسابع ِة من فتحة البا ِب ،نسي ُت أن أغلقها كما أفع ُل
عاد ًة بعد أن أُق ِّدم لل َّسجي ِن طعامه.
ورح ُت أخشخ ُش بالأصفا ِد متع ِّم ًدا ترهي َبه ،أ َّن هنا
أمام البا ِب س َّجا ًنا لا يك ُّل ول ْن يم َّل.
لك َّن ال َّسجي َن لم يخرج لقضا ِء حاجت ِه كما يفعل
عاد ًة ،بل ولم أسم ُع ُه ير ُّد علي ال ِّشتيمة حين قل ُت
له« :أيها الأحمق» ،بشتيمة« :لا أحم َق غي ُرك!».
را َبني ذا َك الهدوء في ال َّداخل ،فاقترب ُت من البا ِب
وألقي ُت نظر ًة عبر الفتح ِة ،بك ِّل حذ ٍر ،فلم أج ْد أح ًدا،
فقط سري ٌر فار ٌغ ،لا يشي إطلا ًقا أ َّن سجينًا كا َن
ينا ُم عليه.
ُجل ُت بنظري في أرجا ِء ال ِّزنزان ِة ،بينما أُدي ُر المُفتا َح
في قف ِل البا ِب لأدخ َل وأتأ َّك َد أ َّن اللُّعب َة قد انتهت.
لكنَّني ما إن دخل ُت ضع ُت ،واختل َط عليَّ با ُب
ال ِّزنزان ِة بين الخار ِج وال َّداخل.
وھا أنا ذا منذ ثماني ِة أيا ٍم ،أجل ُس على حا َّفة
ال َّسري ِر محا ِو ًل أن أتذ َّكرَ :من منَّا الذي أكل ُه
الخو ُف!!