Page 214 - merit 41- may 2022
P. 214

‫العـدد ‪41‬‬                     ‫‪212‬‬

                                                           ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

   ‫بمرور الوقت سيتغلغل‬          ‫قدم التيار الماركسي‬        ‫الإعلام وقتل الفكر اليساري‪..‬‬
      ‫التيار الماركسي مع‬                                       ‫السيد القمني نموذجً ا‬
                             ‫دراسات جيدة حول إعادة‬
 ‫الحرب العالمية الأولى وما‬  ‫قراءة تاريخ الثقافة العربية‬    ‫د‪.‬أبو اليزيد‬
    ‫تلاها‪ ،‬ويبدو أن الجو‬    ‫والإسلامية‪ ،‬فجاءت مغايرة‬       ‫الشرقاوي‬
                            ‫للمنطق التراثي الذي اعتبر‬
  ‫الثقافي في العالم العربي‬
    ‫(ومصر تحدي ًدا) كان‬        ‫التاريخ انعكاس مسيرة‬
                                ‫غيبية لاهوتية‪ ،‬تحركها‬
  ‫يدفع إلى ذلك دف ًعا‪ ،‬وفي‬
     ‫سيرة نعمان عاشور‬             ‫إرادة الله‪ ،‬ومن رحم‬
                               ‫هذا التصور خرجت كل‬
‫الذاتية (حياتي في المسرح)‬   ‫الكتابات التراثية‪ .‬باستثناء‬
     ‫تفاصيل مدهشة عن‬        ‫قلة على رأسهم ابن خلدون‬
                             ‫الذي يفهم مسيرة التاريخ‬
 ‫التشجيع المبالغ فيه للفكر‬  ‫نتا ًجا مشتر ًكا لمشيئة غيبية‬
     ‫اليساري من جيوش‬
                                 ‫لاهوتية وجهد بشري‬
‫الحلفاء وبريطانيا وأمريكا‬    ‫يحاول إثبات إرادته بحيث‬
‫ومصر‪ ،‬وكيف ساهم ذلك‬
‫في خلق جيل مؤمن بالفكر‬           ‫لا تتعارض الإرادتان‪.‬‬
                              ‫تبدأ خلخلة الفهم التراثي‬
      ‫اليساري‪ ،‬وفي نفس‬
  ‫السيرة توضيح للكيفية‬             ‫هذا منذ بداية عصر‬
   ‫التي انقلبت فيها الدولة‬      ‫النهضة الحديث بسبب‬
                              ‫اطلاع البعض على مناهج‬
     ‫ضد الفكر اليساري‪،‬‬
      ‫ومحاربته بضراوة‪.‬‬            ‫الأوربيين في دراسة‬
    ‫في هذا السياق المشبع‬        ‫التاريخ‪ ،‬ويمكن البحث‬
  ‫بالفكر اليساري ستظهر‬       ‫عن إرهاصات هذا التحول‬
     ‫آثار ثقافية جيدة‪ ،‬في‬       ‫في كتابات جمال الدين‬
     ‫مقدمتها الكتاب الذي‬      ‫الأفغاني‪ ،‬وكتابات تلميذه‬
    ‫ترك أثره واض ًحا على‬        ‫الكواكبي ومحمد عبده‪،‬‬
  ‫أصحاب الفكر اليساري‬          ‫وبقليل من المبالغة يمكن‬
    ‫حتى اليوم وهو كتاب‬          ‫الحديث عن «مشاريع»‬
     ‫(الشخصية المحمدية‬          ‫لم تكتمل لتحرير قراءة‬
  ‫حل اللغز المقدس)‪ ،‬وفيه‬       ‫التاريخ قراءة «علمانية»‬
  ‫دراسة عقلانية لا يمكن‬
 ‫لأي منصف إلا الاعتراف‬             ‫متجردة من الوقوع‬
   ‫بها حتى لو اختلف مع‬           ‫في أسر الرؤية الغيبية‬
‫المؤلف‪ .‬فما قدمه الرصافي‬     ‫اللاهوتية‪ ،‬وستجد ذلك في‬
    ‫من محاولة إعادة بناء‬    ‫«طبائع الاستبداد» واض ًحا‪،‬‬
       ‫لسيرة «الشخصية‬         ‫وفي كتابات عديدة للإمام‬
‫المحمدية» جديد كل الجدة‬        ‫محمد عبده‪ ،‬على رأسها‬
      ‫على الثقافة العربية‪.‬‬      ‫موقفه من كتب السيرة‬
     ‫ستظهر أسماء كثيرة‬        ‫النبوية‪ ،‬وتحفظاته عليها‪.‬‬
      ‫تحاول قراءة تاريخ‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219