Page 209 - merit 41- may 2022
P. 209

‫الملف الثقـافي ‪2 0 7‬‬

‫محمود إسماعيل‬  ‫قاسم عبده قاسم‬  ‫عبد المنعم تليمة‬                ‫والكذب‪ .‬فقد بدأ التدوين‬
                                                              ‫في ظل الصراع السياسي‬
   ‫فنقد هذه المصادر ‪-‬كما‬        ‫التراث الذين عاشوا في‬        ‫والاجتماعي والأيديولوجي‬
  ‫نرى‪ -‬عمل منهجي أولي‬         ‫ظل الحكومات الإسلامية‬         ‫على امتداد مراحله‪ ،‬وانعكس‬
                                                             ‫بدوره على ال ُح َّفاظ والرواة‬
      ‫لم ينهض به القمني‬         ‫كانوا يعيشون أزمتين‪:‬‬        ‫والمؤرخين‪ ،‬بل انسحب على‬
   ‫الذي اكتفي بالنقل دون‬       ‫الأولى‪ :‬تحجر معتقداتهم‬      ‫الماضي ولونه بألوان تياراته‬
   ‫تمحيص‪ ،‬وبنى على هذا‬                                       ‫واتجاهاته‪« .‬كما أن أصداء‬
‫المنقول تصوراته للتحولات‬          ‫الدينية وتقوقعها بعد‬         ‫الماضي عكست فعالياتها‬
 ‫الاجتماعية والثقافية التي‬   ‫صراع طويل مع الفلسفات‬
  ‫سبقت الإسلام ليؤكد أن‬      ‫والأفكار الوثنية لم يحسم‬             ‫حين أعيدت صياغته‪.‬‬
  ‫النبوة والرسالة والدولة‬                                   ‫فالماضي لا يموت كله‪ .‬وإن‬
‫كانت نتاج تحولات مادية‪.‬‬       ‫لصالحهم‪ .‬والثانية‪ :‬أزمة‬        ‫مات لا يموت فجأة‪ ،‬ناهيك‬
  ‫وكان بمقدور القمني أن‬     ‫«سياسية سيكولوجية» من‬           ‫بمحاولة إحيائه وخاصة إذا‬
 ‫يفيد من علم سابقيه وهم‬     ‫ج َّراء انهيار الإمبراطوريتين‬  ‫كانت بعض وقائعه مجهولة‪،‬‬
   ‫أعلام رادوا هذا الطريق‬                                  ‫أو قدمت بصورة شوهاء كما‬
  ‫قبله‪ .‬والجدير بالذكر أن‬         ‫الفارسية والرومانية‬       ‫هو الحال بالنسبة للخرافات‬
    ‫سفر محمود إسماعيل‬              ‫ودخولهما في حوزة‬
 ‫هذا صدرت طبعته الأولى‬            ‫الإسلام‪ .‬لذلك تأثرت‬           ‫والأساطير التي تضبب‬
                                ‫الأخبار التي رووها عن‬         ‫التواريخ القديمة» محمود‬
                  ‫‪.1978‬‬           ‫تراثهم بمثالب هاتين‬
 ‫ومن ذلك أنه لم يرجع إلى‬         ‫الأزمتين‪ .‬وحيث افتقر‬          ‫إسماعيل‪ ،‬الكتاب المشار‬
 ‫طه حسين مث ًل في «الفتنة‬       ‫الإخباريون والمؤرخون‬        ‫إليه‪ ،‬سينا للنشر والانتشار‬
 ‫الكبرى» الصادرة ‪،1947‬‬          ‫الأوائل إلى الدراية بهذه‬
  ‫وهي أسفار كتبها في نقد‬           ‫المعارف‪ ،‬فقد نقلوها‬        ‫العربي‪ ،‬القاهرة‪ .‬بيروت‪.‬‬
                                ‫وأثبتوها في مصنفاتهم‬       ‫لندن‪ .‬ط‪ 2000 /4‬ص‪.198‬‬
                               ‫دون تمحيص» ص‪.199‬‬            ‫مثل «الإسرائيليات» والوثنية‬
                                                            ‫التي أطلت من جديد على يد‬
                                                           ‫الحركات الاجتماعية المتطلعة‬

                                                                ‫إلى زوال الحكم الأموي‬
                                                            ‫العربي‪ ،‬ومنها الشيعة التي‬
                                                              ‫تزعمها الموالي من الفرس‪،‬‬

                                                                  ‫والخوارج‪ ،‬والزندقة‪،‬‬
                                                                           ‫والشعوبية‪.‬‬

                                                                ‫ويزيد محمود إسماعيل‬
                                                            ‫هذه المسألة وضو ًحا بقوله‪:‬‬

                                                               ‫«الخطير في الأمر أن هذا‬
                                                           ‫التراث الإسلامي ُق ِّدم تقدي ًما‬

                                                              ‫مخ ًّل في العصور القديمة‬
                                                           ‫من قبل الأحبار والقساوسة‬

                                                              ‫وسدنة بيوت النار‪ ،‬حيث‬
                                                            ‫اختلط بالأساطير والخوارق‬

                                                                ‫والكرامات‪ .‬فحفظة هذا‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214