Page 204 - merit 41- may 2022
P. 204

‫العـدد ‪41‬‬                             ‫‪202‬‬

                              ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬                           ‫رؤوسها أو شخصياتها‬
                                                              ‫الكاريزمية في غزوة بدر‪ ،‬كل‬
    ‫نمروذ العراق الكافر إزاء‬      ‫النبوي كلاهما تجادل مع‬       ‫ذلك يقدمه القمني عبر متن‬
‫أرومة إسرائيل إبراهيم‪ ،‬وعلى‬      ‫الواقع الموضوعي استنا ًدا‬    ‫كتابي سلسل يقدم فيه زبدة‬
‫كنعان إزاء سام‪ ..‬إلخ»؛ ومن‬     ‫إلى وقائع التاريخ؛ فالإسلام‬
                               ‫من حيث هو دين لم يؤسس‬            ‫المصادر القديمة مصحوبة‬
   ‫ثم يغدو التاريخ الذي هو‬      ‫هذه القطيعة وإنما المؤمنون‬     ‫بالآيات القرآنية التي نزلت‬
 ‫موضوع للمعرفة‪ ،‬والتاريخ‬
‫من حيث كونه تاري ًخا مؤج ًل‬         ‫به‪ ،‬ومن ثم نظرت هذه‬          ‫إبان الوقائع‪ ،‬والأحاديث‬
‫ومرجأً لتأرجحه بين الإيمان‬     ‫الرؤى الأصولية إلى الماضي‬         ‫النبوية الشريفة‪ ،‬والشعر‬
                               ‫على أنه «عقائد باطلة وأفكار‬   ‫الذي قيل هنا وهناك وهنالك‪،‬‬
     ‫والكفر في عقلية القطيعة‬    ‫أمم كافرة»‪ ،‬مما ساعد على‬        ‫ويعضد آراءه بأقوال أخر‬
                   ‫المعرفية‪.‬‬   ‫إيجاد «لون خطير من فقدان‬
                              ‫الذاكرة التاريخي والجماعي»‪،‬‬          ‫لكتاب السيرة المحدثين‬
      ‫وعلى جانب آخر يدعو‬                                          ‫كالعقاد‪ ،‬وأستاذنا أحمد‬
     ‫الدكتور سيد القمني إلى‬      ‫والضرب صف ًحا عن لغات‬            ‫شلبي‪ ،‬وأحمد الشريف‪،‬‬
                                 ‫هذه الأمم التي مثلت وعا ًء‬
        ‫توسيع دائرة أسباب‬        ‫لتلك الحضارات وأفكارها‪،‬‬              ‫وخليل عبد الكريم‪.‬‬
      ‫النزول‪ ،‬وهو ما يحتاج‬                                          ‫ولا شك أن القمني في‬
    ‫‪-‬على حد قوله‪ -‬إلى بحث‬             ‫«وبالتالي تم تلخيص‬             ‫مناقشاته يلعب دور‬
   ‫دؤوب في تاريخية النص‪،‬‬         ‫ذاكرة مصر بكل تاريخها‬            ‫الشيطان المستفز لقارئه‬
‫بدراسة الأوضاع الاجتماعية‬                                     ‫دائ ًما‪ ،‬ويتخفف من إحساس‬
    ‫والاقتصادية والسياسية‬           ‫في فرعون طغى وتجبر‬            ‫القداسة القار في وجدان‬
  ‫التي خاطبها الوحي وقتها‪،‬‬       ‫فكان مصيره الهلاك غر ًقا‬        ‫كل قارئ من المسلمين في‬
‫لتحرير النص من الاستخدام‬          ‫مع قومه المجرمين‪ ،‬وهو‬         ‫معالجاته لنصوص التراث‬
     ‫الانتهازي مما يحفظ له‬        ‫الأمر الذي يسحب ظلاله‬       ‫ورواياته المختلفة‪ ،‬التي تمثل‬
                                  ‫على الحاضر الآني؛ حيث‬       ‫عند قطاع كبير من المسلمين‬
                                 ‫لا يصبح للمصري تاريخ‬               ‫أصو ًل ثابتة اكتسبت‬
                                ‫قبل الفتح‪ ،‬وتنقطع الذاكرة‪،‬‬   ‫صلابتها بالإلحاح من خطباء‬
                                                                ‫المنابر‪ ،‬والمنصات‪ ،‬وشيوخ‬
                                   ‫وتتحول الهوية المفقودة‬       ‫الفضاء‪ ،‬والجماعات‪ ،‬وهلم‬
                                 ‫نحو الدين وطنًا وتاري ًخا‪،‬‬    ‫ج َّرا؛ لذلك فهو كاتب جارح‬
                                 ‫ويصبح صدق الإيمان مع‬        ‫في كثير من معالجاته من هذا‬
                                ‫الإسرائيليين الذين خرجوا‬       ‫الباب‪ .‬وهو إذ يتقمص دور‬
                                  ‫من مصر الكافرة ليحتلوا‬      ‫الشيطان يناقش العلاقة بين‬
                                ‫فلسطين احتلا ًل استيطانيًّا‬    ‫الوطن والدين‪ ،‬ويطرح هذا‬
                                                              ‫السؤال على ما أسماه الرؤى‬
                                   ‫مشرو ًعا من وجهة نظر‬      ‫الأصولية‪« :‬هل شكل الإسلام‬
                                  ‫الإيمان! ويصبح المصري‬          ‫قطيعة تاريخية ومعرفية‬
                                ‫مع موسى ويشوع‪ ،‬ليبارك‬            ‫مع ما سبق؛ بحيث يمكن‬
                              ‫غرق التاريخ بالكامل بالعصا‬         ‫احتسابه وحده مع تواتر‬
                              ‫المعجزة‪ ،‬وهو الأمر ذاته الذي‬    ‫الوحي هو كل تراث الأمة؟»‪.‬‬
                                ‫يكابده الفلسطيني؛ حيث لا‬      ‫ليجيب بأن القرآن والحديث‬
                                  ‫بد للمسلم الفلسطيني أن‬
                               ‫يكون مع طالوت الإسرائيلي‬
                              ‫ضد جالوت الفلسطيني‪ ،‬وهو‬
                               ‫الأمر الذي يصدق أي ًضا على‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209