Page 203 - merit 41- may 2022
P. 203

‫‪201‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫نجمت عن إحساس لدى‬             ‫المأمونة النجاح لدى العرب‪،‬‬       ‫كيف يقلب صفحة الماضي‪،‬‬
  ‫النعمان بقوميته العربية‪،‬‬        ‫فمن أي قبائلها سيكون؟‬          ‫وفق إجراءات تفتت الدجمة‬
                                    ‫وأية قبيلة سترضى أن‬
      ‫فهو عربي وإن كان‬            ‫يكون من غيرها حتى لو‬               ‫القبلية والأرستقراطية‬
      ‫تاب ًعا للفرس‪ ،‬وكذلك‬        ‫كان من قريش؟ وقريش‬             ‫الاقتصادية التجارية المكية‪،‬‬
   ‫ابن ذي يزن‪ ،‬وأما الأمر‬           ‫بدورها تج ُّمع قبل ٌّي من‬  ‫وحكومة الملأ من قريش التي‬
    ‫الاقتصادي فهو نجاح‬             ‫قبائل متعددة‪ ،‬وهذا هو‬         ‫اتخذت من دار الندوة مق ًّرا‬
   ‫قريش في السيطرة على‬           ‫معنى التق ُّرش الذي اشتق‬
  ‫الطريق التجاري الوحيد‬                        ‫منه الاسم‪.‬‬         ‫تناقش فيه أمورها وأمور‬
  ‫الآمن الآن‪ ،‬وانتقالها من‬        ‫ومن ثم لا يلتفت الدكتور‬       ‫القبائل في الشمال والجنوب‬
   ‫مرحلة أخذ العشور على‬             ‫سيد القمني إلى سقوط‬          ‫وفي العمق‪ ،‬بله العلاقة بين‬
‫القوافل التجارية المارة بها‬       ‫إيوان كسرى ولا لخمود‬         ‫الدولتين الفارسية والرومية‪.‬‬
    ‫إلى التجارة‪ ،‬وعليه فقد‬            ‫النار‪ ،‬شأن المؤرخين‬
  ‫صارت مكة بيتها الحرام‬            ‫الآخرين حين يتحدثون‬             ‫وفي إطار من رصد العلل‬
   ‫الذي يعج بآلهة القبائل‬                                            ‫والأسباب الممهدة لهذه‬
‫مرك ًزا مثاليًّا للروح والمال‪،‬‬  ‫عن إرهاصات النبوة‪ ،‬وإنما‬
‫حتى صارت قريش تعرف‬               ‫يلتفت إلى أمرين سياسيين‬         ‫الدولة الوليدة التي أسسها‬
‫بين العرب قاطبة بأنها أهل‬                                         ‫النبي محمد صلى الله عليه‬
                                  ‫وآخر اقتصادي‪ ،‬الأمران‬        ‫وسلم يشرح كيف أن مسرح‬
                     ‫الله‪.‬‬          ‫السياسيان هما موقعة‬
‫وبهذا الوعي يرى أن النبي‬            ‫ذي قار التي هزم فيها‬            ‫التاريخ كان مهيئًا لتقبل‬
‫صلى الله عليه وسلم أسس‬                                               ‫القيادة النبوية أكثر من‬
                                ‫العرب الفرس (في الشمال)‬           ‫القيادة الملكية؛ لأن الأمور‬
  ‫المدينة كمركز مناوئ بدأ‬        ‫فأحسوا بقوميتهم‪ ،‬وطرد‬         ‫وقد تكشفت للملأ من قريش‬
    ‫يسحب الأضواء شيئًا‬          ‫سيف بن ذي يزن الأحباش‬          ‫عن تضعضع الإمبراطوريتين‬
                                                                    ‫الكبريين في هذا الوقت‪:‬‬
 ‫فشيئًا عن مكة‪ ،‬واعترض‬              ‫(في الجنوب) بمساعدة‬        ‫الفارسية والرومانية‪ ،‬وللعرب‬
 ‫طريق القوافل حتى يدخل‬              ‫النعمان بن المنذر عامل‬         ‫جمي ًعا في الجزيرة نتيجة‬
‫المعادلة الاقتصادية‪ ،‬وشيئًا‬       ‫كسرى في مملكة الحيرة‪،‬‬            ‫الحروب المستمرة بينهما‬
  ‫فشيئًا تكون الهيمنة على‬           ‫ويرى أن هذه المساعدة‬         ‫عززت لديهم أن فكرة المُلك‬
  ‫التجارة والطريق‬                                                 ‫لم تكن بالفكرة المقبولة أو‬

    ‫للدولة الوليدة‪،‬‬
       ‫وإضافة إلى‬

    ‫تأسيس المدينة‬
   ‫أو بمعنى أصح‬
   ‫إعادة موضعتها‬

     ‫استبدل النبي‬
   ‫بالملأ من قريش‬
‫ملأ آخر وفق مبدأ‬
  ‫الأممية لا القبلية‬

     ‫الأرستقراطية‬
     ‫القرشية‪ ،‬بعد‬
     ‫أن قضى على‬
   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208