Page 201 - merit 41- may 2022
P. 201
199 الملف الثقـافي
كمال الصليبي إدوارد كار روجيه جارودي الجزور ،ونطعم الطعام،
ونسقي الخمور ،وتعزف
الواقع إلى فضاء الأسطورة، هذا ،وإنه ليجمل منهجه القيان ،وتسمع بنا العرب،
أو هي على الأصح تهبط في دراسة حروب الرسول فلا يزالون يهابوننا بعدها
صلى الله عليه وسلم فيقول: أب ًدا» .وعلى الجانب الآخر
بالأسطورة لتغطية الواقع، «يمكن بالقراءة الموضوعية يقدم جيش النبي صلى الله
أو هي على التدقيق تفلت أن يستكشف المتابع ظرو ًفا عليه وسلم وقد أخذ بأسباب
بحدث الواقع خارج دائرة أدت إلى وقعة بدر ،وصاغت الحرب وأعد لها العدة من
الفعل الطبيعي والقدرات دقائقها ،وحتمت نتائجها، اختيار الموقع ،وصف الألوية،
البشرية ،وهي المزايدات وأن يقرأ دور الجهد البشري والتمويه ،وتحسس الأخبار،
وبعد أن يسرد هذه الأسباب
التي ربما كانت إسها ًما ما في توجيه مجموعة من تفصي ًل يقول« :ومرة أخرى
أسهم به الرواة زمن الحدث، العناصر المكونة للمقدمات وليست أخيرة ،نجد الإعداد
والنتائج ،ودورها الجدلي مع الجيد ،والتخطيط البشري،
كل حسب ممكناته ،وربما قواعد التطور الاقتصادي والحرص على حماية صاحب
كانت إسهامات إضافية الدعوة ،والحفاظ على حياته،
أضيفت زمن تدوين كتب ومن ثم المجتمعي ،كما تحت حراسة مسلحة من
السير والأخبار ،وربما يمكنه ببساطة وإنصاف أن رجال اليثاربة ،وركائبه
يقرأ دور التنظيم والتخطيط ُم َع َّدة للعودة السريعة إلى
كانت مزايدات أقوام كالمؤلفة الواعي من قبل البشر لدفع يثرب إن حدثت الهزيمة» ،ثم
قلوبهم والطلقاء لإثبات يذكر أي ًضا أن جيش النبي
ذلك التطور نحو غايته، صلى الله عليه وسلم كان
خلوص الإيمان ،وقد كان والوقعة البدرية نحو نتائجها، يعمل بروح الدولة المنضوية
الوعد بنزول الملائكة من وراء تحت قائد واحد ،بينما جيش
وأثناء ذلك سيلمح نو ًعا من قريش كان لا يزال يعمل وفق
الكون المنظور إلى بقعة بدر المزايدة التي ترقى بالحدث روح القبيلة ،وشتان بين
لنصرة المسلمين أهم العوامل الدولة والقبيلة في الحروب
الموضوعي من مستوى النظامية ،وهو ما تجلى في
التي ساعدت على إعطاء الخلاف الذي نشب بين عتبة
الخيال الإنساني مساحة بن ربيعة وأبي الحكم حين
تأكدت قريش من أن الحرب
محدقة ،وهو خلاف ليس
هيِّنًا وصفه القمني بالخطير،
لأنه كان على مستوى
القيادات العليا في لحظة
فارقة رأى فيها الأول العودة
والجنوح إلى السلم ،ورأى
فيها الثاني المضي قد ًما وقد
كشفت الحرب عن ساقها.