Page 199 - merit 41- may 2022
P. 199

‫‪197‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫فكرة مستقرة عند غيرنا‬           ‫عن ابن ال ِّز َب ْعرى الشاعر‬    ‫وعلى الحوار أن يظل َح ْزميًّا‬
  ‫لكنها ملتبسة أشد الالتباس‬      ‫وقد ذهب للنبي محمد صلى‬            ‫ظاهر ًّيا منصبًّا على الطرح لا‬
                                 ‫الله عليه وسلم فقال‪« :‬تزعم‬
      ‫لدينا‪ ،‬شأن الالتباسات‬                                          ‫على الشخص‪ ،‬شخصي أو‬
‫الكثيرة التي نعانيها في حياتنا‬        ‫أن الله أنزل عليك هذه‬       ‫شخص القمني أو أي شخص‬
                                 ‫الآية‪« :‬إنكم وما تعبدون من‬
   ‫كالالتباس القائم بين الأمة‬     ‫دون الله حصب جهنم أنتم‬            ‫كائنًا ما يكون‪ .‬ولا أظن أن‬
‫والدولة‪ ،‬والشريعة والقانون‪،‬‬                                       ‫هذا الكلام سيستقبل بالهدوء‬
 ‫والعلم والخرافة‪ ،‬والنجومية‬         ‫لها واردون»‪ ،‬فقد عبدت‬
                                  ‫الشمس‪ ،‬والقمر‪ ،‬والملائكة‪،‬‬          ‫الذي أرجو رغم أنه يصف‬
        ‫والقيمة‪ ،‬والأكاديمية‬       ‫وعزير‪ ،‬وعيسى بن مريم‪،‬‬           ‫ما حدث بالفعل؛ والسبب أنه‬
  ‫والهواية‪ ،‬والفقيه والداعية‪،‬‬   ‫كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟!‬     ‫يظهر وج ًها من وجوه ثقافتنا‬
  ‫والمنبر والمنصة الإلكترونية‬      ‫والسؤال من ابن الزبعرى‬          ‫القبيحة‪ ،‬والقبيح لا يحب أن‬
  ‫في عالم مفتوح‪ ،‬وهلم ج َّرا‪،‬‬   ‫‪-‬كما تراءى له وقتها‪ -‬سؤال‬
   ‫هذه الفكرة هي أن التاريخ‬                                         ‫يرى نفسه قبي ًحا في المرآة‪.‬‬
  ‫من حيث إنه علم يعتمد على‬          ‫تعجيزي غرضه الإفحام‬           ‫وإرضاء لضميري قبلت دعوة‬
 ‫الدليل المادي كالوثيقة والأثر‬   ‫وإظهار التناقض في القرآن‪،‬‬        ‫الشاعر سمير درويش رئيس‬
  ‫والنقش شيء والدين شيء‬                                           ‫تحرير مجلة «ميرت الثقافية»‬
 ‫آخر‪ ،‬وعلى هذا الأساس فهو‬          ‫سمع النبي صلى الله عليه‬
 ‫يقول –تاريخيًّا‪ -‬وغيره كثير‬        ‫وسلم ذلك في مشهد من‬                ‫لأكتب عن الدكتور سيد‬
                                    ‫قريش وأصحابه‪ ،‬وسمع‬              ‫القمني‪ ،‬وقلت ورطة بورطة‬
    ‫من علماء تاريخ الأديان‪:‬‬      ‫الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وانتظر‬       ‫وليقل الناصحون ما يقولون‪،‬‬
   ‫إنه لا يوجد دليل تاريخي‬         ‫النبي صلى الله عليه وسلم‬
  ‫واحد على وجود الأنبياء في‬     ‫حتى يرى ما يقول ربه‪ ،‬حتى‬              ‫اقتنا ًعا مني بأن تراثنا لم‬
    ‫مصر‪ :‬إدريس‪ ،‬وإبراهيم‪،‬‬        ‫نزل قوله تعالى‪« :‬ولما ضرب‬          ‫يخل أب ًدا من الحوار الهادئ‬
    ‫وعيسى‪ ،‬وموسى‪ ،‬عليهم‬          ‫ابن مريم مث ًل إذا قومك منه‬
     ‫السلام‪ ،‬وليس لدينا من‬        ‫يصدون‪ ،‬وقالوا آلهتنا خير‬            ‫الذي ناقش أعقد القضايا‬
 ‫كشوف أثرية سوى جدارية‬          ‫أم هو ما ضربوه لك إلا جد ًل‬       ‫وقدم لها حلو ًل متعددة‪ ،‬حتى‬
    ‫مرنبتاح التي ذكرت فيها‬         ‫بل هم قوم خصمون»‪ ،‬ثم‬
 ‫إسرائيل مرة واحدة في إطار‬        ‫نزل قوله تعالى‪« :‬إن الذين‬          ‫إنني أجد نفسي مرد ًدا مع‬
                                     ‫سبقت لهم منا‬                  ‫روجيه جارودي إن مشكلتنا‬
     ‫الشعوب التي تقع تحت‬        ‫الحسنى أولئك عنها‬                  ‫الحقيقية تكمن في أننا نعيش‬
   ‫حكم المصريين ورعايتهم‪،‬‬        ‫مبعدون»‪ ،‬وكان أن‬
    ‫حتى سيدنا يوسف عليه‬            ‫آمن بعد ذلك عبد‬                    ‫صرا ًعا بين الحلول‪ ،‬وكل‬
‫السلام تظل تقديرات وجوده‬           ‫الله ابن الزبعرى‪.‬‬                 ‫حل يزعم أنه الحل الوحيد‬
‫التاريخي في مصر محصورة‬                ‫وفي إطار هذه‬                   ‫الصحيح؛ والتراث يحدثنا‬
                                    ‫الروح أقرأ سيد‬
     ‫في إطار الترجيحات‪ ،‬أما‬        ‫القمني وأريد من‬
‫الأديان الإبراهيمية‪ :‬اليهودية‬    ‫راجميه أن يقرأوه‪.‬‬
                                  ‫والفكرة الجوهرية‬
    ‫والمسيحية والإسلام فلا‬      ‫الدقيقة التي يؤسس‬
   ‫خلاف على أنها تقول ذلك‪،‬‬        ‫عليها سيد القمني‬
                                   ‫مشروعه الفكري‬
      ‫ومن ثم يعرض لأقوال‬
      ‫العلماء الذين بحثوا في‬
     ‫الجغرافية التوراتية؛ أي‬
    ‫مقارنة الأماكن الموجودة‬
   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204