Page 208 - merit 41- may 2022
P. 208
العـدد 41 206
مايو ٢٠٢2 كانت ترجمة لنبوءة عبد
المطلب جد النبي التي أفصح
بالإلمام الكامل والدقيق التاريخي .فقد اعتمد القمني
بجزئيات الواقع السوسيو على مقولات مرسلة عن عنها قوله «إذا أراد الله
إنشاء دولة خلق لها أمثال
ثقافي .لذلك كان تدوين القبيلة والمركزية والوثنية هؤلاء» ،وهو القول المركزي
الثقافة العربية -في طور والتجارة والتخالف بين الذي شيد عليه القمني كتابه
التكوين -في القرن الثاني الشمال والجنوب ،ولم
الهجري ،مواكبًا للتحولات وفسر به النبوة ،كما فسر
الاجتماعية والاقتصادية يتيقن من صحة هذه نهوض الدولة بوصفها
المقولات في مصادرها،
التي غمرت المجتمع فض ًل عن صحة هذه حل ًما شخصيًّا حققته النبوة
العربي ،الذي بدأ انسلاخه المصادر ذاتها مثل سيرة وحققه حفيد عبد المطلب،
من طور البداوة إلى طور ابن هشام وتاريخ الطبري النبي المنتظر الذي بشر
والكامل لابن الأثير .فقد به أحبار اليهود وكهان
التحضر والتمدن من خضعت هذه المصادر للنقد المسيحية.
جانب ،ومتأث ًرا بالصراع العلمي والتثبت مما ورد والقمني -على هذا النحو-
فيها ،ولم يفكر في أن يهتدي لا يفسر التاريخ تفسي ًرا
الذي دار بين القوى بما آل إليه هذا النقد. اجتماعيًّا بمعنى رد كل
الفاعلة في كل مرحلة من أشكال الوعي إلى جذورها
-4- الاجتماعية وتحديد
جانب آخر. خصوصية كل حالة
وقد واجه دارسو التراث وقد تناول محمود إسماعيل وعلاقتها بما يماثلها في
المدونات التاريخية التي
العربي بمعناه الكلي ضوء القانون الأعم للتطور
الشامل (كل أشكال الوعي تصور طور التكوين ،وهو الاجتماعي ،ويناقض نفسه
طور ما قبل التدوين ،تناو ًل حين يعلن في مقدمة كتابه
والوجود الاجتماعي) قوله« :إن كتابنا هذا كتاب
مشكلتين خطيرتين، نقد ًّيا واس ًعا .وأكد أن
أولاهما :ضخامته من تنظير الفكر يظل يضرب في التاريخ الاجتماعي
حيث العدد المذهل لمصنفيه في فراغ مالم يتزود الباحث والاقتصادي وليس كتا ًبا
ومصنفاته وضخامة هذه -إلى جانب سلامة المنهج- في الدين» ثم ينقض دعواه
المصنفات .وثانيتهما هذه التي يدافع بها عن نفسه
ضد خصومه الذين اتهموه
ما يتصل بالصدق
اتهامات علمية وعقائدية.
فكتابه ليس مبنيًّا على قواعد
منهجية واضحة مستمدة
من قواعد المنهج المادي ،ولا
من قواعد المنهج النقدي
القائم على تحديد الوقائع
والتيقن من مصادرها ،ثم
تصنيفها وتحليلها في ضوء
سياقاتها التي أنتجتها ،وفي
ضوء مقولات التحليل النقدي