Page 212 - merit 41- may 2022
P. 212

‫العـدد ‪41‬‬        ‫‪210‬‬

                                                              ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬   ‫العربي تعبيره عن الوحدة‬
                                                                           ‫والتنوع» من ص‪30 -15‬‬
   ‫المادي لكل ما جرى من‬         ‫الذي استقبل به العرب‬
      ‫أحداث؟ والعجيب أن‬         ‫النبوة وهي من قريش‪.‬‬                           ‫مركز دراسات الوحدة‬
                             ‫فالعرب أسبق تاريخيًّا من‬                          ‫العربية‪ ،‬ط‪.1978 /1‬‬
‫القمني الذي يتبنى التفسير‬       ‫الهاشميين ومن الحزب‬
      ‫المادي للتاريخ يتبنى‬  ‫الهاشمي الذي أراده القمني‬                        ‫وقد أدت هذه التطورات‬
                               ‫قاعدة اجتماعية وثقافية‬                     ‫إلى نتائجها المحتومة‪ ،‬وهي‬
  ‫مرويات لا وجود لها في‬        ‫يفسر بها النبوة والدولة‬                   ‫ازدهار الدور المكي وازدهار‬
    ‫التاريخ‪ ،‬لأنها مرويات‬
    ‫أسطورية وغيبية‪ ،‬مثل‬                      ‫بعد ذلك‪.‬‬                          ‫الشمال عمو ًما وبداية‬
                               ‫لقد أراد القمني أن تكون‬                     ‫عصر جديد سمته القبلية‬
 ‫الرواية السابقة عن رحيل‬       ‫النبوة حل ًما فرد ًّيا لرجل‬                ‫المركزية‪ ،‬بدي ًل عن مملكتي‬
    ‫سلف أموي إلى الشام‬        ‫هو عبد المطلب‪ ،‬وتخطي ًطا‬                    ‫كندة في الشمال وحمير في‬
                                                                         ‫الجنوب اللتين كانتا تمثلان‬
  ‫قبل القرن الثاني بقرنين‬          ‫استراتيجيًّا لأسلاف‬                    ‫الحكم المركزي الذي انهار‬
  ‫من الزمن ليؤسس لحكم‬         ‫هاشميين تعاقبوا ‪-‬واح ًدا‬                    ‫منذ أواسط القرن الخامس‬
‫الأمويين ودولتهم نكاية في‬                                                   ‫الميلادي إلى نهاية القرن‬
‫الهاشميين‪ ،‬الذي استأثروا‬         ‫تلو الآخر‪ -‬مستأثرين‬                     ‫السادس‪ ،‬وسقوط الجزيرة‬
 ‫بالنبوة والحكم والسقاية‬       ‫به دون غيرهم من أبناء‬                        ‫العربية في الفوضى التي‬
                             ‫عمومتهم الأمويين‪ ،‬ودون‬                         ‫لم ينج منها إلا مكة التي‬
        ‫والوفادة والكعبة‪.‬‬                                                 ‫حافظت على طريق تجاري‬
 ‫لقد أعلن القمني أن النبوة‬        ‫كل العرب في الجنوب‬                       ‫فرعي بين سوريا واليمن‬
‫في بني هاشم‪ ،‬وأن دولتهم‬        ‫والشمال‪ .‬واعتمد القمني‬                       ‫المعروف برحلتي الشتاء‬
 ‫أمر خططوا له قبل النبوة‬      ‫على ما يحدث من تشاحن‬                           ‫والصيف‪ .‬ويمكن القول‬
‫وقبل الدولة بزمن سحيق‪.‬‬
  ‫ومن ثم فإن النبوة وهي‬         ‫بين أبناء العرق الواحد‬                        ‫إن عوامل ثلاثة شكلت‬
 ‫اصطفاء وتكليف وعصمة‬           ‫بسبب التنافس المشروع‬                      ‫تاريخ العرب طوال القرنين‬

    ‫وحي من الله‪ ،‬أراد لنا‬         ‫على الأدوار والزعامة‬                      ‫السابقين للإسلام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫القمني أن يصحح أفهامنا‪،‬‬       ‫والمكاسب‪ ،‬حين حكم أحد‬                       ‫انهيار الحكومات المركزية‪.‬‬
                                                                           ‫الهجرة الجماعية للشمال‬
     ‫وأن نقبل بأنها تطور‬        ‫الرهبان بأن يختار أحد‬                    ‫واستقرار القبائل اليمنية في‬
     ‫مادي تاريخي بما أن‬      ‫الأمويين من بني عبد الدار‬                   ‫وادي القرى شمال الحجاز‪.‬‬
 ‫«محم ًدا» حقق نبوءة جده‬    ‫من ًفى اختيار ًّيا له قبل النبوة‬              ‫تدهور الحياة الاقتصادية‪.‬‬
  ‫ولم يصدع بأمر السماء‪.‬‬
      ‫وكان عليه ‪-‬في هذه‬          ‫فاختار الشام واستقر‬                             ‫‪-6-‬‬
 ‫المسألة‪ -‬أن يقوم بأمرين‬        ‫به‪ .‬وراح القمني يفسر‬
  ‫كما علمه التفكير المادي‪:‬‬    ‫استئثار الأمويين بالحكم‬                     ‫ومن ثم فإن التصور الذي‬
   ‫الأول أن يقدم أدلة نفي‬     ‫بعد مقتل عليٍّ بأن سلفهم‬                      ‫ارتكن إليه القمني للعرب‬
 ‫النبوة بما أنها وحي‪ ،‬وأن‬      ‫الذي استقر بالشام مهد‬                        ‫تصور منقوص تاريخيًّا‬
    ‫يقدم أدلة مادية مقنعة‬     ‫لهم وهيأ القلوب والعقول‬                       ‫واجتماعيًّا ولا يؤدي إلى‬
     ‫وقاطعة وحاسمة على‬           ‫لاستقبالهم‪ ،‬وكأن هذا‬                        ‫ما حدث من تطور كمي‬
    ‫أن النبوة عمل تاريخي‬      ‫السلف كان يقرأ الغيب في‬                          ‫وكيفي‪ ،‬كان الأساس‬
   ‫بشري‪ .‬وفي الحقيقة لم‬         ‫المستقبل المجهول‪ ،‬وأين‬
 ‫يفعل القمني هذا ولا ذاك‪.‬‬      ‫القمني من كل التطورات‬
 ‫فلا هو كشف عن مكنون‬           ‫الاجتماعية والاقتصادية‬
‫نفسه بشأن اعتقاد النبوة‪،‬‬     ‫التي جرت بعد زوال حكم‬
                                ‫الراشدين‪ ،‬وهي المفسر‬
   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217