Page 220 - merit 41- may 2022
P. 220

‫موقف المصريين أمام الموت‬                                         ‫العـدد ‪41‬‬                         ‫‪218‬‬       ‫لماذا يَ كرهون سيد القمني؟‬
‫وأمام موتاهم‪ ،‬لكننا بحاج ٍة‬
 ‫إلى الإشارة أن الموت يدفع‬                                                           ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬  ‫أشرف البولاقي‬

  ‫المصريين إلى التعامل مع‬            ‫وسط أجواء معتم ٍة‬
    ‫جرائم الموتى وفسا ِدهم‬
     ‫وطغيانهم وجبروتهم‪،‬‬             ‫وضيِّقة وقاسية يواجهها‬
     ‫بشيء من التساهل أو‬              ‫المصريون على المستوى‬
                                      ‫الاقتصادي والسياسي‬
      ‫محاولة التجاوز‪ ،‬بعد‬        ‫والثقافي والاجتماعي‪ ،‬يرحل‬
   ‫رحيلهم‪ ،‬تقدي ًرا منهم إلى‬       ‫فجأة الدكتور سيد القمني‬
  ‫جلال الموت وهيبته‪ ،‬وإلى‬        ‫في الأسبوع الأول من فبراير‬
                                    ‫‪ 2022‬لتنفجر بعد بضع‬
    ‫أن هؤلاء الراحلين بين‬            ‫ساعات من رحيله قنابل‬
   ‫ي َدي خالقهم أو في العالم‬        ‫التشفي والشماتة‪ ،‬ولتدق‬
    ‫الآخر‪ .‬ويجد المصريون‬          ‫طبول الفرح عند الشامتين‪،‬‬
 ‫حر ًجا كبي ًرا حتى في أبسط‬         ‫ولتتط َّوع أعداد كبيرة من‬
                                 ‫المصريين بتسليم الرجل إلى‬
    ‫بديهيات التفكير العقلي‬       ‫خ َزنة الجحيم‪ ،‬وبدا واض ًحا‬
  ‫النقدي بضرورة التعامل‬              ‫وجليًّا وكأن على الرجل‬
‫مع إرث الراحلين وتاريخهم‬           ‫ثارا ٍت في نفوس الكثيرين!‬
‫ومنجزهم بعد الموت‪ ،‬وليس‬             ‫ولا يمكن فهم هذه الحالة‬
    ‫أسهل عندهم ِمن عبارة‬          ‫الغرائبية والعجائبية إلا إذا‬
                                     ‫أشرنا بإيجا ٍز إلى موقف‬
    ‫«لهم ما لهم وعليهم ما‬           ‫التصور العام للموت عند‬
‫عليهم»‪ ،‬رغب ًة منهم في عدم‬         ‫المصريين ِمن ناحية‪ ،‬وإلى‬
 ‫الخوض في سيرتهم‪ ،‬رغم‬            ‫تصورهم الفكري والعاطفي‬
                                    ‫للمشتغلين بالفكر الديني‬
    ‫أن هذا الخوض مطلو ٌب‬             ‫قراء ًة ونق ًدا وتحلي ًل‪ ،‬في‬
 ‫قراء ًة وفك ًرا ونق ًدا‪ ،‬ويمكن‬    ‫محاول ٍة للاقتراب من فهم‬
  ‫أن يعني الخلا َف دون أن‬           ‫ظاهرة التشفي والشماتة‬
  ‫يعني التجاو َز أو الطعن‪..‬‬          ‫في رحيل بعض المفكرين‬

   ‫وكم من طغا ٍة وجبابرة‪،‬‬                      ‫والمجتهدين‪.‬‬
‫ومجرمين وفاسدين‪ ،‬رحلوا‬              ‫وإذا جاز لنا أن نزعم أن‬
‫عن الحياة دون أن يتعرض‬            ‫العالم كله يقف أمام ظاهرة‬

   ‫لهم المصريون من قري ٍب‬              ‫الموت موقف الاحترام‬
  ‫أو بعيد‪ ،‬مكتفين بما َسبق‬          ‫والإجلال والتوقير‪ ،‬فإنه‬
  ‫أن أشرنا إليه‪ ،‬إ َّما بالدعاء‬
                                       ‫يمكننا التأكيد على أن‬
   ‫والرحمة‪ ،‬وإ َّما بالصمت‬       ‫المصريين أكثر شعوب العالم‬
         ‫التام أو التجاهل!‬
                                    ‫احترا ًما وإجلا ًل وتوقي ًرا‪،‬‬
‫لكن هذا الموقف يتغير تما ًما‬        ‫ليس فقط أمام الموت‪ ،‬بل‬
 ‫عندما يكون الراحل واح ًدا‬         ‫أي ًضا أمام الموتى أنفسهم‪.‬‬
                                 ‫ولسنا بحاج ٍة الآن لاستدعاء‬
    ‫ِمن هؤلاء الذين شغلوا‬        ‫التاريخ المصري القديم لبيان‬
     ‫أنفسهم بالفكر الديني‬
    ‫قراء ًة أو نق ًدا‪ ،‬هنا فقط‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225