Page 224 - merit 41- may 2022
P. 224

‫العـدد ‪41‬‬                                            ‫‪222‬‬

                                                              ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

   ‫ينقد كل الجوانب الدينية‬    ‫ُيع ِّرف كانط التنوير بأنه‬      ‫تحرر من الوصاية فنقد أفكار الآخرين وأفكاره هو نفسه!‬
      ‫للظاهرة الإسلاموية‬                                          ‫تنوير سيد القمني‪..‬‬
                              ‫«انعتاق المرء من حالة العجز‬                ‫مؤمن سلام‬
‫الحديثة‪ ،‬فقد بدأ من البداية‬   ‫الذاتي‪ .‬العجز هو عدم قدرة‬
‫الأولى‪ :‬النبي إبراهيم والنبي‬
‫موسى والأساطير؛ وصو ًل‬            ‫المرء على استخدام فهمه‬
                               ‫الخاص دون توجيه الآخر‪.‬‬
 ‫إلى تفكيك خطاب ومفاهيم‬        ‫إذا لم يكن سبب هذه الحالة‬
       ‫الحركات الإسلامية‬       ‫من عدم النضج الذاتي‪ ،‬هو‬

 ‫المعاصرة‪ ،‬مرو ًرا بالتاريخ‬      ‫نقص في ملكة الفهم‪ ،‬فهو‬
  ‫الإسلامي والخلافة‪ ،‬وكل‬      ‫بالأحرى‪ ،‬نقص في الشجاعة‬
   ‫هذه المفاهيم القادمة من‬
                                ‫والإقدام لاستخدامها دون‬
   ‫القرون الوسطى لتحكم‬          ‫إرشاد الآخر‪ .‬لذلك‪ ،‬يكون‬
  ‫القرن الواحد والعشرين‪،‬‬
‫ليس فقط المفاهيم السياسية‬         ‫شعار التنوير إذن‪ :‬تح َّل‬
                                ‫بالشجاعة لاستخدام عقلك‬
       ‫ولكن أي ًضا ‪-‬وربما‬
   ‫بشكل رئيسي‪ -‬المفاهيم‬                        ‫بنفسك»‪.‬‬
                                ‫ولهذا عندما نقول أن سيد‬
     ‫الاجتماعية مثل علاقة‬       ‫القمني تنويري‪ ،‬فليس هذا‬
     ‫الأخلاق بالدين‪ ،‬وهل‬
      ‫بالفعل ارتقت أخلاق‬           ‫على سبيل المجاملة ولا‬
     ‫المسلمين مع الصحوة‬        ‫توزيع الألقاب بالمجان‪ ،‬كما‬
 ‫الإسلامية أم أنها انتكست‬        ‫يصف البعض المصلحيين‬
     ‫وارتكست في وحل لا‬         ‫الدينيين بالتنويريين‪ ،‬فسيد‬

                 ‫أخلاقي‪.‬‬           ‫القمني كان شجا ًعا في‬
   ‫لقد كان سيد القمني بلا‬       ‫استخدام عقله دون خوف‬
    ‫شك مرحلة أكثر تطو ًرا‬      ‫أو كسل‪ ،‬ولهذا راح يدرس‬
‫وجرأة من فرج فودة‪ ،‬وهذا‬       ‫ويحلل وينقد وينقض التراث‬
‫لا يقلل من قيمة فرج فودة‬        ‫الإسلامي دون خوف من‬
   ‫الذي ُقتل مبك ًرا دون أن‬      ‫سلطة دينية أو سياسية‪،‬‬
 ‫يستكمل مشروعه الفكري‪.‬‬
‫وأي ًضا هذه طبيعة الأشياء‪:‬‬         ‫فراح ُي َش ِّرح التراث من‬
                                    ‫داخل التراث ذاته‪ ،‬في‬
     ‫أن يكون اللاحق أكثر‬
    ‫تطو ًرا من السابق‪ ،‬وإلا‬    ‫شجاعة ربما فاقت شجاعة‬
  ‫وقعنا في سلفية متحجرة‬          ‫صديقه ورفيق دربه فرج‬
    ‫تعود بنا إلى الوراء‪ ،‬ولا‬
                                                  ‫فودة‪.‬‬
       ‫تتقدم بنا إلى الأمام‪.‬‬     ‫فرغم شجاعة فرج فودة‬
       ‫ولأن التنوير يتطلب‬        ‫التي لا ُتنكر‪ ،‬حتى انتهى‬
      ‫الحرية كما قال كانط‬          ‫الأمر بقتله‪ ،‬إلا أن فرج‬
    ‫«لتنوير من هذا النوع‪،‬‬        ‫فودة كان ُيركز فقط على‬
     ‫كل ما هو مطلوب هو‬        ‫الجانب الخاص بعلاقة الدين‬
 ‫الحرية»‪ .‬كان سيد القمني‬           ‫بالدولة‪ ،‬وعلاقة الدولة‬

                                   ‫بالجماعات الإسلامية‪.‬‬
                                  ‫أما سيد القمني فقد راح‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229