Page 221 - merit 41- may 2022
P. 221

‫‪219‬‬               ‫الملف الثقـافي‬

‫نصر حامد أبو زيد‬  ‫نوال السعداوي‬   ‫جمال البنا‬                       ‫تقوم قيامة المصريين على‬
                                                                   ‫الراحل‪ ،‬وتختفي سحائب‬
‫تع َّرضت له نماذج مثل فرج‬            ‫فض ًل عن تميزهم بشيء‬       ‫الرحمة التي كانت تمطر على‬
    ‫فودة‪ ،‬نوال السعداوي‪،‬‬           ‫من ال ِحلم والهدوء والتركيز‬   ‫الطغاة والمستبدين‪ ،‬وتذوب‬
   ‫جمال البنا‪ ،‬وأخي ًرا سيد‬       ‫الشديد في مشروعاتهم‪ ،‬و ِمن‬       ‫عبارة «له ما له وعليه ما‬
                                                                ‫عليه»‪ ،‬وليت الأمر يصل بهم‬
‫القمني‪ ،‬ر ِحمهم الله جمي ًعا‪.‬‬        ‫أمثال هؤلاء محمد سعيد‬         ‫إلى قراءة مشروع الراحل‬
    ‫والأربعة دون استثناء‬          ‫العشماوي‪ ،‬ونصر حامد أبو‬           ‫هذا أو منجزه‪ ،‬لكنه أب ًدا‬
    ‫واجهوا الآخر مواجهة‬           ‫زيد‪ ،‬حيث لا يمكن الزعم أن‬         ‫لا يتجاوز حدود السب‪،‬‬
      ‫مباشرة‪ ،‬وكان البعد‬                                           ‫والشتم‪ ،‬والطعن‪ ،‬والويل‪،‬‬
      ‫الاجتماعي جز ًءا من‬            ‫أح ًدا لم يتعرض لهما عند‬       ‫وصب اللعنات‪ .‬واللحظ ُة‬
      ‫أطروحاتهم‪ ،‬ولجأوا‬              ‫رحيلهما‪ ،‬بل تم التعرض‬        ‫الوحيدة التي يلتفتون فيها‬
    ‫في كثي ٍر من سجالاتهم‬         ‫والخوض فيهما‪ ،‬لكن بدرج ٍة‬     ‫إلى مشروع الرجل أو منجزه‬
     ‫الكلامية الإعلامية إلى‬                                       ‫هي تلك التي يلتفتون فيها‬
   ‫السخرية‪ ،‬ليس فقط من‬                            ‫أقل كثي ًرا‪.‬‬    ‫لاقتطاع جم ٍل وعبارات من‬
                                      ‫النوع الآخر يمثله هؤلاء‬
‫الآخر الشخصي‪ ،‬لكن أي ًضا‬              ‫الذين يخوضون معار َك‬           ‫سياقات كتابات الراحل‬
 ‫من أفكاره ومعتقداته التي‬           ‫وحرو ًبا إعلامية‪ ،‬ويميلون‬          ‫ليبرهنوا على حيادهم‬

    ‫يظنها دينًا‪ ،‬والآخر هنا‬             ‫إلى السجال مع الآخر‪،‬‬       ‫وموضوعيتهم‪ ،‬ويزيدون‬
   ‫ليس كله إرهابيًّا مسل ًحا‬              ‫ويبحثون عن الغلبة‬      ‫على ذلك بفضل تقدم الميديا‬
                                                                  ‫وآليات العرض والمشاهدة‬
      ‫يمكنه تصفية خلافه‬               ‫والانتصار‪ ،‬بغ ِّض النظر‬     ‫فبركة فيديوهات وأحاديث‬
    ‫منتق ًما‪ ،‬لكن معظمه من‬           ‫هنا عن قيمة طرحهم‪ ،‬إلا‬
 ‫عوام الناس متعلمين وغير‬            ‫أن مساجلا ِتهم ومعاركهم‬          ‫أجراها الراحل ليحذفوا‬
 ‫متعلمين‪ ،‬فليس ثمة طريقة‬                                          ‫منها ما يشاؤون ويعيدون‬
‫لتعويض ما يستشعره هذا‬                  ‫وانتصارا ِتهم تركت في‬    ‫تركيبها لتؤدي في النهاية إلى‬
                                    ‫النفوس ثارا ٍت ورغبا ٍت في‬  ‫غرضهم في الن ْيل من الراحل‬
                                    ‫التشفي والانتقام‪ ،‬وهو ما‬    ‫الذي تج َّرأ يو ًما و َشغل نفسه‬
                                                                  ‫بالفكر الديني أو المجتمعي‬

                                                                     ‫الذي يتماس مع الدين‪.‬‬
                                                                    ‫والراصد يمكن بسهولة‬
                                                                ‫وبساطة أن يف ِّرق بين نوعين‬
                                                                 ‫هنا ِمن تش ِّفي المصريين في‬
                                                                ‫موت مفك ٍر أو مجتهد‪ ،‬النوع‬
                                                                  ‫الأول هو ذلك الذي يتعامل‬
                                                                     ‫مع مفكرين ومجتهدين‬
                                                                 ‫َغلب عليهم التنظير والكتابة‬
                                                                   ‫والتخصص الدقيق‪ ،‬دون‬
                                                                     ‫أن يخوضوا جدا ًل ولا‬
                                                                     ‫مساجلا ٍت مباشر ًة مع‬
                                                                    ‫الآخر القارئ أو المتلقي‪،‬‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226