Page 226 - merit 41- may 2022
P. 226

‫العـدد ‪41‬‬                             ‫‪224‬‬

                                                     ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬   ‫يميزه عن الإسلاميين أعداء‬
                                                                  ‫الحريات الفردية‪ ،‬وحماية‬
‫لأفكارهم‪ ،‬ويعتبرونه اعتداء‬                                          ‫الحريات العامة وهو ما‬
  ‫على ذواتهم‪ ،‬وهو ما يعني‬
                                                                ‫يميزه عن الفاشيين أصحاب‬
‫أن هذا الكاتب لم يستطع أن‬                                              ‫الشعارات العلمانية‪.‬‬
 ‫يتخلص من الثقافة السائدة‬
  ‫التي يهاجمها لي ًل ونها ًرا‪،‬‬                                  ‫وأخي ًرا‪ ،‬يذكر بشكل صريح‬
                                                                   ‫وحاسم‪ ،‬في نفس الكتاب‪،‬‬
         ‫بل هو خاضع لها‪.‬‬
      ‫فنجد هنا سيد القمني‬                                        ‫تراجعه عن الفكر الماركسي‬
 ‫يسمو على هؤلاء‪ ،‬ليس فقط‬                                           ‫وتبنيه للعلمانية الليبرالية‬
‫بقبول نقد الآخريين لأفكاره‬                                        ‫قائ ًل‪« :‬لقد بدأت يا سيدي‬
   ‫ومنهجه‪ ،‬والذي كثي ًرا ما‬                                        ‫وأنا شديد التعلق بالفكرة‬
 ‫كان يحمل في طياته تطاو ًل‬                                         ‫الماركسية بكل ما يتضمن‬
  ‫على شخص الرجل‪ ،‬إلا أنه‬                                             ‫تحتها من عناوين‪ ،‬فإذا‬
‫لم يكن يتبرم به ولا يحتقره؛‬                                           ‫الدنيا كما ترون‪ ،‬وإذا‬
    ‫ولكن يناقشه ويفنده إن‬                                           ‫بنا نعلم ما لم نكن نعلم‪،‬‬
     ‫كان نق ًدا علميًّا‪ .‬بل لقد‬                                       ‫لأتحول عن كل ألوان‬
    ‫ارتقى سيد القمني فوق‬                                             ‫الفلسفات الشمولية إلى‬
   ‫ذلك‪ ،‬ليكون مثا ًل ُيحتذى‬
 ‫لكل إنسان‪ ،‬خاصة إذا كان‬                                        ‫العلمانية الليبرالية؛ لأن مبدأ‬
‫يضع نفسه في خانة المثقفين‬                                         ‫«الثبات على المبدأ» قد أثبت‬
 ‫والمفكرين والباحثين‪ ،‬فيقدم‬                                     ‫أنه أحد وأكثر القيم بطلا ًنا»‪.‬‬
  ‫نق ًدا ذاتيًّا لأفكاره وكتاباته‬
  ‫وتحولاته الفكرية‪ ،‬و ُيشير‬                                         ‫وهذا ما يأخذنا إلى أعلى‬
  ‫إلى أخطاء في كتابته ناتجه‬                                     ‫درجات الشجاعة التي يمكن‬
   ‫عن انحيازاته غير العلمية‬
  ‫في ذلك الوقت‪ ،‬دون خوف‬                                              ‫أن يتمتع بها الإنسان‪،‬‬
   ‫أو خجل‪ ،‬وهذا هو المثقف‬                                           ‫خاصة إذا كان مفك ًرا أو‬
                                                                ‫مثق ًفا أو باحثًا‪ ،‬وهى شجاعة‬
                 ‫الحقيقي‪.‬‬                                           ‫النقد الذاتي‪ .‬بالرغم من‬
   ‫فبالإضافة إلى تحوله من‬                                          ‫أن أحد أهم سمات المفكر‬
                                                                  ‫والباحث والمثقف أن يكون‬
     ‫الماركسية إلى العلمانية‬                                       ‫متشك ًكا دائ ًما في أفكاره‪،‬‬
 ‫الليبرالية‪ُ ،‬يعلن تراجعه عن‬                                        ‫فيقينية المعرفة والعلم لا‬
 ‫عدائه لليهود لكونهم يهو ًدا‪،‬‬                                     ‫يؤمن بها إلا الدوجمائيين‬
 ‫ويعترف بأنه كان عنصر ًّيا‬                                         ‫أصحاب الحقيقة المطلقة‪،‬‬
                                                                ‫من يتصورون وصولهم إلى‬
     ‫ضدهم‪ ،‬وكيف أ َّثر ذلك‬                                       ‫سقف العلوم والمعارف‪ .‬إلا‬
‫بالسلب على كتابه الأسطورة‬                                       ‫أننا ‪-‬في ظل الثقافة السائدة‬
                                                                ‫في مجتمعاتنا‪ -‬أصبحنا نرى‬
   ‫والتراث‪ ،‬فيقول في كتابه‬                                        ‫مع الأسف ُكتّا ًبا ومثقفين‬
‫انتكاسة المسلمين إلى الوثنية‬                                     ‫يحملون صفة «علماني» أو‬
                                                                 ‫«تنويري» يرفضون أى نقد‬
  ‫«كنت يا سيدي في مرحلة‬
‫من عمري شديد العنصرية‪،‬‬

  ‫وكتبت موضوعات قاسية‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231