Page 228 - merit 41- may 2022
P. 228

‫العـدد ‪41‬‬                             ‫‪226‬‬

                                                            ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

   ‫إليه من تر ٍّد‪ ،‬إذ لم يكف‬   ‫“إن الذين ماتوا قد نجوا‬      ‫كفر بما يمنع عن الدين جلاله واحترامه‬
 ‫مشوار الراحل فرج فودة‬                                          ‫وآمن بدين المحبة والعدل والسلام‬
                                  ‫من الحياة بأعجوبة”‪..‬‬
    ‫القصير والمبتسر‪ ،‬قبل‬      ‫بهذه الكلمات القليلة المعبرة‬  ‫خالد طلعت‬
  ‫الغدر به واغتياله على يد‬     ‫اختار المفكر المصري سيد‬
 ‫نفس التيار المريض‪ ،‬لنقل‬      ‫القمني أن يكلل شاهد قبره‬
  ‫الصورة الكاملة إلى عقلي‬
  ‫الشاب وقتها‪ ،‬كما كانت‬           ‫الذي سيرقد فيه للأبد‪.‬‬
                                ‫ومثلما يرحل كل الرجال‪،‬‬
    ‫محاولاتي لقراءة كتب‬       ‫عظماء وسفهاء‪ ،‬رحل المفكر‬
‫الراحل نصر حامد أبو زيد‬
                                  ‫الكبير بالفعل عن عالمنا‬
   ‫قد باءت بالفشل بسبب‬            ‫في السادس من فبراير‬
  ‫اللغة الأكاديمية المتقعرة‬     ‫عام ‪ ٢٠٢٢‬عن عمر ناهز‬
   ‫التي تعمد تدوينها بها‪،‬‬         ‫الخمسة وسبعين عا ًما‪.‬‬
    ‫ومما لا شك فيه أن ما‬        ‫كانت أول معرفتي بسيد‬
‫حدث مع الكاتبين الراحلين‬           ‫القمني عندما تشرفت‬
 ‫وكذلك مع الأديب العالمي‬           ‫بحضور ندوة كان قد‬
   ‫نجيب محفوظ وغيرهم‬           ‫تحدث فيها بأحد الأحزاب‬
                                   ‫السياسية المصرية في‬
    ‫في تلك المرحلة كان قد‬       ‫منتصف التسعينيات من‬
 ‫أرعب الكثيرين وأحجمهم‬         ‫القرن الماضي‪ ،‬وكانت تلك‬
                                ‫الندوة مخصصة لمناقشة‬
     ‫عن الكلام والمواجهة‪،‬‬       ‫ما سيصبح فيما بعد أول‬
 ‫فأصبحوا يميلون لتفادي‬            ‫كتبه الهامة «الأسطورة‬
                              ‫والتراث»‪ ،‬والذي استخلص‬
      ‫تلك الملفات الخلافية‬      ‫فيه القمني الأسطورة من‬
  ‫الشائكة‪ .‬أما سيد القمني‬     ‫أحشاء التراث وتتبع أصلها‬
‫فكان يجلس في تلك الندوة‬        ‫وفصلها من واقع الموروث‬
                                 ‫الديني الإبراهيمي وغير‬
    ‫صام ًدا واث ًقا كالصرح‬     ‫الإبراهيمي‪ ،‬وفعل كل ذلك‬
 ‫الذي لا يهتز‪ ،‬وبهدوء من‬         ‫ببراعة وحرفية وإتقان‪.‬‬
                                  ‫كنت وقتها قد صار لي‬
   ‫امتلك ناصية العلم راح‬       ‫زمن وأنا مستشعر لخطر‬
    ‫يتحدث بلغة وإن كانت‬       ‫تيار الإسلام السياسي وما‬
‫دارجة شعبوية بسيطة إلا‬        ‫يسمى بالصحوة الإسلامية‬
   ‫أنها كذلك مثقفة وواثقة‬     ‫البالغ على المجتمع المصري‪،‬‬
 ‫ونافذة إلى المعنى بطلاقة‪،‬‬    ‫ذلك المجتمع الذي كان بكل‬
 ‫وكان يجلس أمامه يومها‬          ‫المقاييس غنيًّا عن كليهما‪،‬‬
    ‫نفر غير قليل بعضهم‬           ‫ولكني لم أكن قد كونت‬
‫ملت ٍح على الطريقة السلفية‪،‬‬       ‫صورة فكرية واضحة‬
‫وكان ذلك في أوج جبروت‬           ‫بعد عن أسباب ما صرنا‬
    ‫المد السلفي وعنفوانه‪،‬‬
‫وكانوا يجلسون متحفزين‬
   ‫يكاد الشرر يتطاير من‬

     ‫أعينهم‪ ،‬فلم يثنه ذلك‬
    ‫مطل ًقا عن الإجابة على‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233