Page 227 - merit 41- may 2022
P. 227

‫‪225‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫المسلمون هذه الأشياء‪،‬‬         ‫بل وفاشية بامتياز ضد‬
   ‫فيقول «دولة لم يكن لها‬      ‫اليهود‪ ،‬فقط لكونهم يهو ًدا‪،‬‬
    ‫جيش إنما كانت ُتجيِّش‬     ‫كنت أحمل لهم عدا ًء سحر ًّيا‬
    ‫باستدعاء القبائل لتأتي‬
 ‫برجالها ونسائها وأطفالها‬            ‫غريبًا ممزو ًجا بفكرة‬
 ‫وخيلها وبعيرها وسلاحها‬            ‫الاستيلاء على أراضينا‬
  ‫الخاص وتسير كل قبيلة‬           ‫في فلسطين وفطير فصح‬
                                   ‫صهيون المعجون بدماء‬
     ‫تحت رايتها الخاصة‪،‬‬       ‫أطفالنا‪ ،‬دون أن نراجع نحن‬
   ‫مثل هذه الدولة لا يمكن‬        ‫أنفسنا وتاريخنا من هذه‬
‫تسميتها دولة إلا قيا ًسا على‬   ‫القضية؛ وهكذا كنت ضمن‬
 ‫حال جزيرة العرب آنذاك‪،‬‬          ‫السرب أسرب مع القطيع‬
‫دولة بلا شرطة ولا محاكم‬           ‫القومي‪ ،‬فناقشت التراث‬
‫ولا هيئات إدارية ولا تراتب‬      ‫اليهودي من منطق منحاز‬
 ‫وظيفي هيكلي هرمي‪ ،‬دولة‬        ‫وعدائي سل ًفا‪ ،‬وهو واضح‬
   ‫بلا هذا كله تسمى دولة‬      ‫بشدة في كتابي‪« :‬الأسطورة‬
 ‫من باب المجاز فقط قيا ًسا‬       ‫والتراث»‪ ،‬خاصة في باب‬
‫على زمانها‪ ،‬لكنها بمقاييس‬       ‫الأساطير التوراتية»‪ ،‬نحن‬
   ‫العلم هي مرحلة انتقالية‬          ‫هنا أمام مفكر وباحث‬
   ‫من البداوة إلى الدولة لم‬     ‫حقيقي لا يستكبر أن يعلن‬
                                ‫عن خطأ ارتكبه في مرحلة‬
     ‫تكتمل عناصرها حتى‬            ‫من مراحل حياته وأثناء‬
 ‫اليوم؛ لذلك عندما أرفضها‬         ‫رحلته الفكرية‪ ،‬حتى أنه‬
                              ‫أصبح «مع القطيع القومي»‪،‬‬
    ‫كنموذج لدولة مطلوبة‬       ‫فنحن أمام مفكر شجاع ينقد‬
‫اليوم من الإسلاميين‪ ،‬أكون‬        ‫ذاته ويعلن ذلك على الملأ‪.‬‬
                                  ‫أي ًضا‪ ،‬يتراجع عن بعض‬
     ‫في مكاني لم أبارحه»‪.‬‬         ‫ما قاله في ُكتبه «الحزب‬
‫هذا هو تنوير سيد القمني‪،‬‬        ‫الهاشمي» و «حروب دولة‬
 ‫فلم يكن هناك سلطان على‬         ‫الرسول» و»الإسلاميات»‪،‬‬
  ‫عقله إلا عقله‪ ،‬فلا سلطان‬
 ‫على عقله من النص أو من‬              ‫فهو يعترف أن دولة‬
                              ‫الرسول لم تكن دولة بالمعنى‬
     ‫رجل دين أو من رجل‬
 ‫سياسة أو من الرأى العام‬         ‫الحديث‪ ،‬ولكنها أقرب إلى‬
                                  ‫تجمع قبلي «كونفدرالي»‪،‬‬
   ‫أو أيديولوجيا‪ ،‬فقط عقل‬       ‫وليس دولة بمعنى الدولة‪،‬‬
 ‫سيد القمني هو ما يوجهه‪،‬‬       ‫جيش وشرطة ومؤسسات‬
                               ‫ودستور‪ ،‬بل هذا لم يحدث‬
      ‫ولذلك تحرر من كل‬          ‫إلا بعد وفاة الرسول ومع‬
‫وصاية‪ ،‬فنقد التراث والفكر‬        ‫الاستيلاء على الحضارات‬

      ‫الإسلاموي والسلطة‬             ‫القديمة التي نقل عنها‬
  ‫السياسة بل ونقد أفكاره‬

                ‫هو نفسه‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232