Page 24 - merit 41- may 2022
P. 24
العـدد 41 22
مايو ٢٠٢2
أي ًضا ،بحسب المؤلف ،في عدة حالات أخرى)1( : ُيغفل بعض الحقيقة الموضوعية ،و ُيعلي من قيمة
عدم القدرة على التعبير عما نفكر فيه أو نعتقده، الحقيقة الذاتية ،كي يخرج في النهاية منتص ًرا
ما يؤدي إلى انفتاح السامعين على تأويلات عدة؛ لرأيه بأية طريقة»(.)6
( )2عندما يجد الحاكم أ َّن إدراك الشعب للحقيقة إذن ،بحسب المؤلفَ ،م ْن ُيعبِّر عن الحقيقة
الذاتية يستعين «بكل ما استطاع أ ْن يأتي به
كاملة ،بلا مواربة ولا تورية ،سوف يدفع به من مجاز في الدفاع ع َّما يعتنقه» ،وهو بخلاف
(أي الشعب) إلى حالة من الشعور بالإحباط ما يحدث عند التعبير عن الحقيقة الموضوعية،
أو اليأس؛ (« )3لأن َم ْن بيده القرار لا يريد «التي يصل فيها المجاز [على ح ِّد تعبير المؤلف]
لمعارضيه أ ْن يمسكوا عليه قو ًل مح َّد ًدا أو وع ًدا
إلى درجة الصفر أو ينعدم ،ولا يكون الكلام فيها
معيَّنا يحاسبونه عليه»(.)10 مواف ًقا لمقتضى الحال فقط ،بل متماشيًا أي ًضا
بالنظر إلى هذه الحالات التي ينشط فيها المجاز،
نجد أنها جميعا تمثِّل ،بشكل أو بآخر ،انحرا ًفا مع ما ينبغي أ ْن يكون في أجلى وأصفى درجاته،
مبتع ًدا عن المراوغة والمخاتلة والتحايل»( .)7فلُغة
عن الحقيقة ،إما بشكل كامل أو جزئي ،سواء التعبير عن الحقيقة الذاتية تكون مشبَّعة بالمجاز،
بقصد أو بدون قصد .فالمجاز بحسب المؤلف
وبقدر تش ُّبع هذه اللغة بالمجاز بقدر ما تزيد
« ُلغة ُم َرا ِوغة ،أو عاطفية ،أو مفتوحة على المسافة الفاصلة بين الحقيقة الذاتية والحقيقة
تأويلات عدة»( ،)11وهو ما يتعارض مع ُلغة الموضوعية .وهكذاَ « ،يك ُبر المجاز أو َيص ُغر وفق
الحقيقة. مسافة الابتعاد بين الحقيقتين»(.)8
وفيما يتعلق بالحقيقة السياسية تحدي ًدا ،التي
ثان ًيا :الموقف الإيجابي من المجاز تمثل بالنسبة للمؤلف لو ًنا من ألوان الحقيقة
الذاتية ،يقول المؤلف[« :إ َّن] ما بجعلنا ننحرف عن
في الجهة المقابلة ،يكشف المؤلف عن موقف الحقيقة السياسية ،في تكوينها وهيئتها المجردة،
آخر يذهب أصحابه إلى أ َّن «استخدام المجاز ليس غموض المعلومات حولها ولا ما تفعله بنا
أمر حتمي في معظم عمليات الإدراك والإفصاح، الأيديولوجيات والميول [فحسب] ،بل أي ًضا أشكال
الاستعارات والمجازات التي ننخرط فيها»(.)9
خصو ًصا تلك التي تتسم بقدر عا ٍل من فض ًل عن تع ُّمد الكذب أو التلاعب ،ينشط المجاز
التركيب»( .)12فالاستعارة ،التي تمثل ضر ًبا من
ضروب المجاز« ،ليست شيئًا وصفيًّا منفص ًل عن
الحقيقة ،بل هي الوسيلة الذهنية التي تصنع هذه
الحقيقة»(.)13
بالرغم من أ َّن مؤ ِّسس البلاغة الجديدة حاييم
بيرلمان « Chaïm Perelmanيتف َّهم رأي أولئك
الذين ينظرون إلى التمثيل والاستعارة ب َح َذر،
فإنه يدرك أنهما يدخلان كمك ِّون أساسي في
الفلسفات العقلانية ،ويشكلان إحدى وسائل
الحجاج لدى البعض ،بل يساعدان على الابتكار،
ولذا يستحيل الاستغناء عن التمثيل كلما تط َّرق
العقل إلى ميدان جديد ،أو غير مألوف»(.)14
بوجه عام ،ينهض المجاز ،بحسب أصحاب
هذا الموقف ،بوظيفته ضمن الدور العام الذي
تؤديه اللغة« ،فإذا كان المجاز وسيلة خاصة
من وسائل الأداء اللغوي ،فإن أ ّي فهم لطبيعة