Page 28 - merit 41- may 2022
P. 28
العـدد 41 26
مايو ٢٠٢2
د.هويدا صالح
تجليات مروية التاريخ الاجتماعي..
في رواية «تاريخ آخر للحزن»
رغم أن الكاتب يراهن على الحكاية وغوايتها كما الحال في الروايات
الكلاسيكية إلا أنه يمارس ألعا ًبا سردية من حيث ضمائر السرد
واللغة المشهدية ،والتقطيع السردي والانتقالات الزمنية مما يجعلها
تجمع بين وعي جمالي جديد وحكاية وحبكة تقليدية .كما يفيد من
التراث الشعبي لتلك الجماعة الشعبية التي يكتب سرديتها ،فنقرأ
كيف يفكرون ويتداوون ويمارسون عاداتهم الشعبية ،ويتزوجون..
وغيرها من عناصر التراث التي تجلت في النص بشكل واضح.
ويو ِّظف الفانتازيا أو ما يمكن أن نطلق عليه الواقعية السحرية في
توظيف الوعي الشعبي عن الأشباح التي تسكن الدور المهجورة.
الطبقة أو الجنس أو اللون ،فكما حزنت الخادمة إن كتابة التاريخ الاجتماعي لجماعة شعبية ما
«معالي حلاوية» حزن أي ًضا السيد «منجي عبد
الباسط أرسلان» ،فعبر أكثر من أربعمائة صفحة يعد عم ًل ها ًّما ،لأنه عبر السرد الروائي يمكن لنا
يحاول الكاتب أن يقيم مرثية لكل الحزانى الذين أن نرصد حركة المجتمع ،وصعود وهبوط طبقاته
الاجتماعية ،فوحده الخطاب الروائي قادر على
رصد هذا التاريخ الاجتماعي وكشف المسكوت عنه سكن الحزن قلوبهم عبر الانتصار للقيم الإنسانية
التي تجمعهم ونبذ القيم التي فرقتهم وجعلت واللامقول فيما يتعلق بتاريخ الجماعة الشعبية؛
البعض «سادة» والآخر «عبي ًدا». فكلنا متفقون على حقيقة أن التاريخ الرسمي يكتبه
الخطاب الجمالي والطرائق السردية غالبًا المنتصر ،وأنه قادر على أن ينفي سردية
المنهزمين والمنسحقين من الهوامش الاجتماعية
تم َّكن أحمد صبري أبو الفتوح من الإفادة من المختلفة لصالح المركز المنتصر.
تقنيات روائية منحت عمله جمالية ميزته ربما عن ربما بهذا الوعي ش َّكل الروائي أحمد صبري أبو
بقية أعماله السابقة (ملحمة السراسوة -خمسة الفتوح فضاءه السردي في روايته «تاريخ آخر
أجزاء)( ،أجندة سيد الأهل) ..وغيرها ،بدأ الرواية للحزن» التي صدرت عن دار ميريت عام ،2020
حيث يكتب تاريخ المهمشين وسردية الخدم التي
بمفتتح طال قلي ًل عن تاريخ السادة وعلاقتهم تنهض لتقاوم تهميشها من ناحية وتقاوم السادة
بالعبيد ،وتاريخ كلاهما بالإطار الزمني (زمن
من ناحية أخرى .إنه الحزن الإنساني الرهيف
القصة) الذي بدأ منذ إفشال «ثورة عراب» التي كأحد المشتركات الإنسانية التي لا تعرف فروق