Page 30 - merit 41- may 2022
P. 30

‫العـدد ‪41‬‬                          ‫‪28‬‬

                                                    ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

‫سينمائيًّا أمامه‪ ،‬فحينما تذهب معالي حلاوية حفيدة‬    ‫السعادة (التناص مع رواية ثرثرة فوق النيل)‪.‬‬
  ‫الخدم مع السيد منجي إلى سراية الوسية ليفتحا‬
                                                               ‫دراما الزمن في الرواية‬
 ‫السراية من قبو الخدم؛ تجعلك اللغة المشهدية التي‬
    ‫استخدمها الكاتب كأنما تشاهد الكادر واض ًحا‪،‬‬       ‫يفرق النقاد بين زمن القصة وزمن السرد‪ ،‬فزمن‬
   ‫فتراها تمسك بجريدة النخل تدفسها في أعشاش‬          ‫القصة هو الإطار الزمني الذي تدور فيه الأحداث‪،‬‬

‫العنكبوت المتراكمة كي ما تفتح لهما طري ًقا‪ ،‬وحينما‬      ‫أو لنقل الفترة الزمنية التي استغرقتها الحكاية‪،‬‬
       ‫تمتلئ الجريدة بخيوط العنكبوت تعيدها إليه‬      ‫أما زمن السرد فهو المسيرة الزمنية للأحداث‪ ،‬هل‬
                                                     ‫هو زمن خ ِّطي تصاعدي آني‪ ،‬يبدأ من نقطة زمنية‬
‫ينظفها‪ ،‬وتمسك بأخرى تفسح بها الطريق‪ ،‬كل هذا‬           ‫ويتصاعد حتى نهاية الرواية‪ ،‬أم زمن استرجاعي‬
            ‫يتخيله القارئ عبر هذه اللغة البصرية‪.‬‬      ‫يعود فيه السارد عبر تقنية الفلاش باك بالذاكرة‬
                                                      ‫السردية ليستعرض لحظات زمنية بعينها‪ ،‬أم هو‬
‫ورغم طول الرواية إلا أن الكاتب لم يقع في فخ اللغة‬
   ‫الإخبارية المباشرة التي تنبئ فقط دون أن تنتقل‬       ‫زمن استشرافي مستقبلي يستشرف فيه السارد‬
     ‫بالنص نقلة بصرية مشهدية‪« :‬في الليلة التالية‬          ‫ما سيأتي في المستقبل من أحداث؟ فماذا فعل‬
 ‫انس َّل من الباب بعد أن أغلقاه على البنتين ووصلا‬
                                                      ‫أحمد صبري أبو الفتوح بالزمن في النص؟ ما هي‬
‫إلى باب القبو والليل في نصفه الثاني‪ ،‬نزلا السلمات‬                          ‫تقاطعات الزمن ودراميته؟‬
 ‫ببطء‪ ،‬وعلى ضوء الكشاف تقدمت حاملة جريدتها‪،‬‬
 ‫أراد أن يتبعها بالأخرى‪ ،‬فطلبت منه أن يظل هناك‪،‬‬       ‫زمن القصة في النص بدأ منذ ثورة عرابي ‪1882‬‬
 ‫ستشق طريقها ثم تسلمه الجريدة لينظفها ويسلم‬         ‫تقريبًا وحتى الراهن من الأيام‪ ،‬إبان ثورة ‪ 25‬يناير‬

                    ‫لها الأخرى كما فعل بالأمس‪.‬‬       ‫‪ ،2011‬وما بعدها حتى اليوم‪ .‬أما زمن السرد فقد‬
     ‫أمام هجومها تهاوت خيوط العنكبوت المشبعة‬        ‫مارس فيه الكاتب أقصى ألعابه السردية‪ ،‬فقد اعتمد‬

                                                       ‫على القفزات السردية المبررة فنيًّا بالطبع‪ ،‬فلحظة‬
                                                        ‫انطلاق السرد إبان ثورة عرابي وما بعدها من‬
                                                       ‫انكسار لهذه الثورة ودخول الإنجليز مصر‪ ،‬ثم‪،‬‬

                                                      ‫ومع بداية الفصل الأول يقفز السارد قفزة زمنية‬
                                                     ‫كبرى‪ ،‬فيجد القارئ نفسه في الألفية الثالثة وربما‬
                                                     ‫يسمع هتافات ثوار التحرير في ‪ 25‬يناير‪ ،‬ثم يعود‬
                                                    ‫عبر الفلاش باك ليستجلي خطوط الحكاية‪ ،‬ثم يعود‬

                                                        ‫بالزمن إلى الحاضر‪ ،‬وهكذا في انتقالات سردية‬
                                                     ‫رهيفة لا تسبب للقارئ إزعا ًجا‪ ،‬فينتقل من صوت‬
                                                     ‫سردي إلى آخر ومن لحظة سردية إلى أخرى دون‬
                                                     ‫معاظلة أو صعوبة‪ ،‬بل ثمة لعبة سردية تتم بيسر‬
                                                    ‫وسهولة وتنتقل بالقارئ في الزمان والمكان بحرفية‬

                                                                                        ‫وفنية عالية‪.‬‬

                                                    ‫اللغة المشهدية بطل السرد الرئيس‬

                                                    ‫اعتمد الكاتب في الرواية على اللغة البصرية التي‬
                                                       ‫أفاد فيها من كادرات السينما‪ ،‬فجعل القارئ‬
                                                        ‫يتصور المشاهد بصر ًّيا وكأنه يشاهد فيل ًما‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35