Page 34 - merit 41- may 2022
P. 34
العـدد 41 32
مايو ٢٠٢2
خالد َأ َمَّزال
(المغرب)
تفضيء الذات وتذويت المكان..
مقاربة لشعرية الفضاء
في ديوان «باب الفتوح»
للشاعر أحمد العمراوي
التجربة الفضائية الشعرية لا تعكس القدرة على توظيف الدلالات
المكانية أو إسقاطها على الأشياء ،بل هي قبل ذلك بناء تشييدي
مشترك ،يصوغه الشاعر والقارئ المتفاعل مع النص ،هنا تصبح
قراءة هذه التجربة بنا ًء متجد ًدا ،لا ادعاء فيه للقدرة على الإمساك
بالمعاني التي في صدر الشاعر ،ذلك لأن معايشة الفضاء كما يحياها
الشاعر لا تتم على مستوى الواقع إلا لما ًما ،إنها معايشة لفظية
وتلفظية مشتركة ،وهي كذلك قدرة على جعل حميمية الفضاء شي ًئا
مشتر ًكا متحر ًرا من سطوة ذات المبدع ،قاد ًرا على التواصل مع الآخر.
الفضاء والإنسان لم يجعل علاقة الأول بالثاني يع ُّد الفضاء محو ًرا من محاور النص الأدبي،
علاقة حميمية فقط ،بل جعل منها علاقة وجودية،
وليس مجرد مسرح تقع على ركحه الأحداث ،أو
لأن الفضاء لا يوجد إلا في وبذواتنا. قطع ديكور تملأ الفراغ ،ولا معاد ًل موضوعيًّا
هكذا أخرج الوعي البشري علاقة الإنسان بالفضاء للمكان الفيزيقي الذي نحيا فيه ،إن الفضاء عنصر
بنائي يدخل في تشكيل النص ،بل ويشكل لحمته
من دائرة الارتباط القدري إلى فسحة الإدراك في العديد من التجارب التي جعلته عماد نصوصها
الوجداني ،وقام بتنسيب هذا الفضاء اللامحدود بنائيًّا ودلاليًّا .وغني عن البيان أن علاقة الإنسان
وتقسيمه إلى أحياز ،وأضفى على كل واحد منها بالفضاء مختلفة عن علاقته بالزمان ،ففي الوقت
قيمة معينة ،وغلفها بتصورات خاصة وفق خلفيته الذي يدرك فيه الإنسان الزمان بشكل غير مباشر
من خلال فعله في الأشياء ،فإن الفضاء ُي ْد َرك
السوسيو ثقافية ،فلم يعد الفضاء مكا ًنا رحبًا بطريقة حسية ومباشرة ،والارتباط القسري بين
ومفتو ًحا نمارس فيه ما نشاء ،بل فضاء مجزأ
يحمل طاب ًعا ثقافيًّا وذهنيًّا وانفعاليًّا محد ًدا.