Page 31 - merit 41- may 2022
P. 31

‫‪29‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

    ‫لكنها هامش مرتين‪ ،‬هامش لأنها خادمة ورثت‬          ‫بالندى‪ ،‬وسرعان ما شعرت بالخيوط المبللة تلتصق‬
 ‫خدمة البيوت عن جدتها سيادة ابنة الشيخ جبريل‬         ‫بوجهها‪ ،‬لكنها لم تتراجع‪ ،‬ظلت تضرب حتى قطرت‬
‫اللهفة وسترية حلاوية‪ ،‬ورغم أن سيادة كانت أمل‬
                                                         ‫الجريدة ما ًء أسو َد‪ .‬أخرجتها وتسلمت الأخرى‪،‬‬
    ‫أمها وأبيها في ألا تصاب بنفس المصير التعس‪،‬‬       ‫كانت في قمة نشاطها‪ ،‬رأته مل َّط ًخا بسواد العنكبوت‬
  ‫مصير الخدمة في البيوت‪ ،‬فإن السيد عبد الباسط‬
 ‫أرسلان حينما يراها وهي الجميلة الصبية يقع في‬           ‫لكنها لم تتراجع‪ ،‬وتقدمت حتى غابت عن عينيه‪،‬‬
 ‫غرامها ويصر على أن تأتيه في الاستراحة لتخدمه‪.‬‬          ‫لم يعد يرى سوى ضوء الكشاف وهو يضيع في‬
 ‫ومعروف في الوسية مصير من تذهب للاستراحة‬
   ‫وفقدانها لعفافها حت ًما‪ ،‬فلما يفكر الأب والأم في‬          ‫المحيط الرمادي الكئيب» (الرواية‪ ،‬ص‪.)82‬‬
   ‫الامتناع عن إرسالها يهددهم السيد بأشد أنواع‬
   ‫التنكيل‪ ،‬فيضط َّرا مرغمين إلى إرسالها‪ ،‬ومن هنا‬               ‫سردية الهامش‬
  ‫لا يفكر أحد من شباب الفقراء المعدمين في الزواج‬
‫منها‪ ،‬لفقدها المفترض للعفة‪ .‬ساعتها يفكر السيد في‬         ‫ينتصر الكاتب في النص للهوامش الثقافية التي‬
 ‫حيلة شيطانية‪ ،‬فيصر على أن يزوجها من فتح الله‬            ‫تحيط بالمركز‪ ،‬ينتصر للخدم باعتبارهم هام ًشا‬
  ‫النوساني الحفيد الذي كان مصا ًبا بعته عقلي ولا‬      ‫ثقافيًّا ها ًّما‪ ،‬فيجعل ابنة الخدم تتزوج ولو صور ًّيا‬
  ‫يعي من أمر النساء شيئًا‪ ،‬فهي فرصة أن تصبح‬
 ‫متزوجة من لا أحد تقريبًا حتى ينالها السيد دون‬               ‫من ابن السادة‪ ،‬كما ينتصر لمن رحلوا وتم‬
 ‫مشقة‪« :‬دب الخوف في قلب الفتاة‪ ،‬وشعرت لأول‬            ‫السكوت عن تعذيبهم وصلبهم في شبابيك الوسية‬

     ‫مرة بأنها تكره سيدها‪ ،‬قالت وقلبها يترجف‪:‬‬             ‫وأشجارها‪ ،‬فكأننا نسمع صرخاتهم تأتي من‬
                                                     ‫أماكن تعذيبهم وأماكن اختفائهم‪ ،‬إن هذه الأصوات‬

                                                        ‫تعيدهم للمشهد مرة أخرى‪ ،‬في محاولة للنهوض‬
                                                             ‫بأرواحهم التي أحاطتها المآسي والعذابات‪.‬‬

                                                       ‫وبما أن معالي هي حاملة لأصواتهم فهي هامش‪،‬‬

                                                     ‫مشهد من ثورة‬
                                                      ‫يناير ‪2011‬‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36