Page 12 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 12
العـدد 28 10
أبريل ٢٠٢1
والمشاعر والأفكار ،ويكون التكرار الملازم لمواقف من متغيرات متعددة توالت على الحضارة العربية
الغرابة لا إراد ًّيا ،في أغلب الأحوال. القديمة والحديثة.
-4يكون الشعور بالغرابة أكثر احتما ًل في المواقف ومع الاعتراف بأن الواقع الثقافي يشير إلى ما يشبه
المألوفة ،والواقعية حيث تكون القوة الحتمية التبعية الثقافية وتأثر الأدب العربي بالغربي منذ
بدايات عصر النهضة ،لكن هناك أي ًضا خصوصية
القهرية المخيفة المحيطة بالوضع الواقعي أقوى ،أما ثقافية عربية نشأت من تضافر مجموعة من
خيال الغرابة فخيال يحبط الرغبات ،يدمرها ،يعوق
العوامل منها الموروثات الخاصة للحضارة العربية،
تدفقها ويقتلها؛ ومن ثم فإنه قد يج ِّسد الغرابة وخصوصية التقاليد المجتمعية ،والمراحل السياسية
بشكل يفوق تجسيدها في الحياة. والاقتصادية التي توالت عليها ،وهو ما كان يمكن
دراسته وتحليله لو أن الكتاب اعتمد على نماذج من
-5في الأدب كما يقول “فرويد” من الأيسر خلق
التأثيرات الخاصة بالغرابة عندما نكون موجودين الأدب المصري والعربي.
ضمن نطاق الواقع وليس خارج حدوده ،أي ليس التماس مع الأدب المقارن كان من شأنه أي ًضا أن
يوضح تأثير نصوص تتكىء على السرد الفانتازي
في عالم ما وراء الطبيعة ،والكائنات الخارقة. والغرابة في الأدب العربي مثل “ألف ليلة وليلة”
-6من الممكن إثارة الإحساس بالغرابة أي ًضا من وغيرها من نصوص ،وكيف تطورت هذه التأثيرات
خلال بعض الموضوعات ،مثل التماثيل الشمعية بظواهرها وتجلياتها .ثم أثر هذه التجليات الغربية
المجسدة لشخصيات بشرية ،وكذلك الدمي التي المتطورة على الأدب العربي في علاقات تأثرية هي
كونت على نحو بارع ،والأوتوماتا أو المخلوقات بلا شك واقعة دون جدال.
الآلية المحاكية للكائنات الحية ،وكذلك ما يتعلق يتكون الكتاب من تسعة فصول تعالج الغرابة
بالأشباح والظلال والمرايا والأشباه والمومياوات، وتجلياتها في الأدب ،في الفصل الأول وهو بعنوان
وانعكاس الجثث ..إلخ ،ومع ذلك فإن معني الغرابة
في الأدب قد أصبح يتجاوز هذه المعاني الكلاسيكية “حول معني الغرابة”:
له إلى حد بعيد. ()1
-7تتجسد الغرابة أي ًضا من خلال فكرة القرين،
يشير الكاتب إلى الالتباس الكامن في تعريف الغرابة
حيث يمكن أن توجد شخصيات يمكن اعتبارها وذلك لأن تحديده يجعله معرو ًفا ،مألو ًفا ،ومن ثم
متطابقة لأنها يشبه بعضها بع ًضا ،أو توحد الذات
مع شخص آخر ،وتؤدي هذه العمليات إلى ازدواج ليس غريبًا ،لكن الباحثين أجمعوا على خصائص
وانقسام وتبادل وتعدد الذات ،وقد ذكر “فرويد” مهمة للغرابة تتلخص في أن:
أن الخلط بين الحي والميت ليس وحده كافيًا -1الغرابة إحساس حياتي ،وإحساس جمالي أي ًضا،
لحدوث الغرابة؛ بل إن القلق الذي بينهما والمرتبط خبرة حياتية وخبرة استاطيقية ،تتعلق بالانفعال
بالشك والالتباس واختلاط الحياة بالموت هو الذي المترتب على وجود شيء غريب ،مخيف ،أي ًضا غير
يحدث ذلك الشعور بالغرابة. مألوف ،وقد يثير الرعدة والرعب ،ويمكن أن يوجد
في الأدب وفي الفن ،وفي غيرهما أي ًضا.
()2
-2يتم الشعور بالغرابة في المواقف التي تبدو
في الفصل الثاني المعنون “بالغرابة والأدب” :يرجع كأنها جديدة ،لكنها التي تعود بنا وتذكرنا -مع
المؤلف الغرابة في الأدب إلى :غرابة غير المألوف، ذلك -بمواقف سابقة مألوفة ،وهكذا تكون مواقف
الغرابة أشبه بالعودة والتكرار لمواقف أليفة قديمة،
كما في حالات التحول والازدواج والمسخ والنسخ.
وغرابة المألوف :هنا لا يوجد تحول أو مسخ أو ربما تم كبتها أو نسيانها سابقا.
-3ترتبط الغرابة كذلك بالتكرار ،تكرار المواقف
نسخ بل تكرار وعبث وفوضي واختلال في الشعور
بالواقع والذات.