Page 16 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 16

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪14‬‬

                                                    ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

    ‫وفي جمعها هذا بين المتناقضين يكمن جوهرها‬           ‫منها الإنسان متغيرة‪ -‬تطور شكل الخوف عند‬
   ‫وجوهرها الذي على الأطراف‪ ،‬على الحدود‪ ،‬على‬           ‫الإنسان من الجن والعفاريت والظلام والأشباح‬
‫الخط الفاصل أو المساحة الثالثة التي بين الحضور‬
                                                            ‫والموت‪ ،‬إلى التكرار والعادة والآلية والبيت‬
      ‫والغياب‪ ،‬الحياة والموت‪ ،‬الأنا والآخر‪ ،‬اليقظة‬     ‫والعلاقات والأبناء والشوارع والمولات‪ ،‬الخوف‬
    ‫والنوم‪ ،‬الماضي والحاضر‪ ،‬وهذه الحدود لأنها‬          ‫من الاستلاب‪ ،‬أن يستلب الإنسان لصالح الآلية‬
 ‫مبهمة غير محددة‪ ،‬لا تنتمي إلى أحد الأطراف من‬        ‫والتكرار والعادة‪ ،‬ادعاء قيم والتعامل وفق معايير‬
 ‫دون الآخر‪ ،‬تكون بيئة صالحة لتعدد الاحتمالات‪.‬‬
                                                                              ‫نفعية أو قهرية أخرى‪.‬‬
       ‫يورد عبد الحميد رأي “نيكولاش إبراهام”‬             ‫يتتبع المؤلف معني الغرابة وأنواعها وبواعثها‬
‫و”ماريا توروك”‪ ،‬فيما يختص بالطيفية والشبحية‬             ‫والفروق الطفيفة والجزئية بها‪ ،‬كما أنه يعرض‬
                                                       ‫للباحثين المختصين بعلم النفس‪ ،‬وأشكال الأدب‬
    ‫والمراودة‪ ،‬فالمراودة هي عملية عابرة للأجيال‪،‬‬    ‫والنصوص التي تمثَّل فيها هذه السمات التي تركن‬
  ‫إنها تأخذ شكل “السرد” الذي ينتقل داخل عائلة‬         ‫للعجائبي والغريب‪ ،‬وأهم الأدباء والمبدعين الذين‬
  ‫ما‪ ،‬أو مجتمع ما‪ ،‬أو ذات ما‪ ،‬من دون أن يقر له‬
 ‫قرار لأنه يتعلق بأمر ما مكبوت‪ ،‬أمر نود تحاشيه‬                    ‫تناولوا هذه الظواهر في نصوصهم‪.‬‬
 ‫عند مستوي الوعى؛ لذا يظل موجو ًدا داخل الذات‬       ‫ثم يعرض للتطور التاريخي لمفهوم الغرابة وتحليله‬

   ‫الفردية أو الجامعية‪ ،‬يظل يشكل في داخلهما ما‬           ‫ومباعث وجوده‪ ،‬في حياة الإنسان ومن ثم في‬
   ‫يسميه “إبراهام وتوروك”‪ ،‬شب ًحا ما‪ ،‬شك ًل أو‬         ‫الفن والأدب‪ .‬وهو إذ يعرض لذلك يبدأ منذ أول‬
 ‫تشكي ًل لا شعور ًّيا‪ ،‬لم يصبح قط شعور ًيا إلا من‬
  ‫خلال أشكال رمزية‪ ،‬ويكون الأدب والفن وكذلك‬              ‫الاجتهادات منذ بيتش وفرويد لينتهي بأحدث‬
   ‫الأحلام بعض هذه الأشكال‪ ،‬ويتمثل ذلك في أنا‬           ‫الأبحاث ما بعد “لاكان” و”جوليا كريستيفا”‪،‬‬
  ‫الشخص‪ ،‬أو الجماعة‪ :‬تظل هذه الأعماق مضرمة‬            ‫ويعرض للنقد النسوي بصدد تفسيرهن لإحدي‬
  ‫وتحمل في أعماقها الأسرار غير المباح بها‪ .‬وتظل‬
‫الاضطرابات والتشوهات في حياة الإنسان الحامل‬                               ‫القصص الطويلة لهوفمان‪.‬‬
    ‫لتلك الأسرار‪ ،‬وفي النصوص التي تنتابها هذه‬       ‫يستكمل الفصل الثاني بحديثه عن الذاكرة الطيفية‬
‫الأسرار‪ ،‬وذلك لأن هذا الحضور إنما يحدث خلال‬           ‫والآخر‪ ،‬سواء أكان كيا ًنا مفار ًقا‪ ،‬أو الذات نفسها‬
 ‫معان بديلة ورمزية وجانبية كثيرة‪ ،‬ومن ثم تظل‬
                                                                    ‫كما تنعكس على نفسها وتتأملها‪.‬‬
       ‫تحمل مناطق من الغموض الدافع للتساؤل‪.‬‬            ‫يذكر الباحث رأي “جوليان وولفريز” في جوهر‬
 ‫كما أنه يعرج على‬
 ‫الدراسات العربية‬                                           ‫الغرابة وأنها تجمع بين الشعور ونقيضه‪،‬‬

   ‫ويناقش دراسة‬
 ‫“الأدب والغرابة”‬
‫لعبد الفتاح كليطو‬
 ‫ويلاحظ افتقادها‬

     ‫لكل ما يتعلق‬
‫بجوهر الغرابة من‬

  ‫الناحية النفسية‪،‬‬
 ‫ولا بما يتعلق بها‬
‫من دراسات عربية‬
  ‫مهمة من منظور‬
‫نقاد أدب‪ ،‬أو علماء‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21