Page 15 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 15
13 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
أشبه بنوع من الدفاع عن الوضع الراهن والحفاظ لدي “هيلين سيكوس” تصبح الغرابة مفهو ًما
على النظام الاقتصادي أي ًضا ،وذلك لأنه من خلال محور ًّيا في مهمة سياسة الإبداع الأدبي ،ولم تعد
الغرابة مجرد حالة أو لحظة يتم الإدراك خلالها
تجسيده يبعث إلى ضرورة اكتشاف أسباب هذه لتفكك الواقع؛ بل حالة تلعب دو ًرا ما في كل بنية
الحالة الهدمية المضطربة ومحاولة تجاوزها وحلها،
عقلانية وتمثيلية ،ومعرفية.
ومن ثم العودة إلى الوضع السابق عليها. كان جوهر الغرابة قد تمثل لدي فرويد في التحول
يقول عبد الحميد“ :والرأي الأقرب إلى الصواب
لدينا هو أن هذا النوع من الأدب ،أدب هدم وبناء، من المألوف إلى غير المألوف ومن العادي إلى
هدم من أجل البناء ،وبناء من أجل الهدم سعيًا غير العادي ،من خلال عودة المكبوت تجاوزت
وراء بناء أفضل ،وأنه مثلما قامت المدن الحديثة على الغرابة الجانب الخيالي الغريب الخاص بالأشباح
أساس الهدم للقرى وأشكال الحياة القديمة ،فإنها والوحوش والأطياف لدى “ينتش” و”فرويد”
قد هدمت أي ًضا تلك القيم القديمة المرتبطة بالخرافة وغيرهما إلى كل ما هو عادي ومألوف في الحياة
والخوف من المجهول والغامض سعيًا وراء العقل اليومية ،وربما هذا ما يشير إلى عالمنا الغريب وأن
واليقين والحرية ،لكنها في الوقت نفسه أبعدت البشر في سلوكياتهم العادية ربما هم الأشباح
الإنسان عن نفسه ،أي ًضا جعلته مغتر ًبا عن واقعه والأطياف والوحوش والموتى .المكبوت إذن صار
وعن ذاته ،وأسلمته للشك والخوف وفقدان اليقين يتمثل في عالم النهار في عالم الوعي ،في المواقف
التي قد توحي بالألفة والطمأنينة والاستقرار
ومن ثم كانت تلك العودة الخاصة إلى الأفكار في السرديات العائلية ،والسير الذاتية ،والأماكن
القديمة خلال ذلك الأدب الرومانتيكي والعجائبى”.
دعونا نخلص من هذا العرض إلى أن الأدب الغريب المألوفة ،بل حتى الحميمية.
والعجائبي بدأ بسمات خاصة ،ذات توجهات تمس كما يشير “فيلاشيني كوبان” إلى الغرابة المتمثلة
فيما يسمي “نموذج الغزو” ويعني بعض الأبواب
التصورات القديمة عن المفتوحة على الاختلاف الذي لا يمكن تدجينه ،أو
الخوف ،تطور مفهوم
الخوف عند الإنسان، ترويضه أو جعله مألو ًفا أو بيتيًا.
اتسم البحث عن الغرابة في الأدب الذي قدمه
لم يبارح الخوف الدكتور شاكر عبد الحميد بالثراء المعلوماتي
الإنسان ،كان يخاف وغزارة الأفكار المعروضة وتتبع ظاهرة الغرابة
وتعريفها لدي العلماء والباحثين بداية بينتش
من أشياء وأصبح
يخاف من أشياء وفرويد وتودوروف.
أخرى .الخوف مقيم، وحين يعرض لنظرية تودوروف على سبيل
المثال يفرد لها صفحات لعرضها وبطريقة علمية
والأشياء التي موضوعية ،يكثفها في نقاط لاختصارها بما لا
يخاف ينتقصها ،ثم يعرض أي ًضا لما وجه إليها من نقد،
بداية من مالدان دولار ،ولوس آرمت ،وروز ماري
جاكسون.
يعرض المؤلف كل الآراء حول موضوع البحث لكنه
حينما يرجح أحد الآراء يذكر ذلك ،ففي معرض
حديث “جاكسون” عن الأدب العجائبي وقوله بأنه
أدب تقويض هادم لكل ما هو عقلاني وواقعي
ومنظم ،يقول“ :فإن مونليون” يطرح وجهة نظر
أخرى فهو يقول بما هو عكس ذلك ،لأنه في رأيه
شاكر عبد الحميد