Page 35 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 35
من أهم علاقات البطل المبتورة أو التي
لم تكتمل هي علاقته بالمرأة ،ومن
الملحوظ أن "نجيب محفوظ" لا يرسم
المرأة رس ًما تفصيل ًّيا؛ ولكن يوظفها
توظي ًفا رمز ًّيا ،ولذلك فلن يقف كثيًرا
عند وصف الشخصية أو يبذل جه ًدا
كبيًرا في تحليلها نفس ًّيا محاوًل إخراج
ما يعتمل بداخلها للقارئ؛ ولكن
يكتفي من إيرادها بالرمز ،فتأتي المرأة رجاء النقاش
في علاقتها بالبطل بمثابة الرمز «سلوى» من «حسن» وذلك حتى «يم ّد
نفوذه إلى العهد الجديد بزواج ابنته من رجل
بلا عمل»(.)9
وسيتأكد القارئ أن «قدرية» ما هي إلا رمز فني الثورة «حسن»»(.)7
للماضي ،فعلى الرغم من الغنائم التي حصل عليها وهكذا طردت السياسة «عيسى» من حياتها بلا
البطل عندما ارتبط بها إلا أنها لا تنجب ،وكذا حياته رجعة؛ لتفتح أحضانها مستقبلة رج ًل من رجال
مع ذكرياته في الماضي لا تثمر .وعلى هذا الأساس
الثورة الجديدة.
يمكن القول إن قدرية والماضي وجهان لعملة قدرية /الماضي:
واحدة. ترمز هذه الشخصية إلى الماضي؛ لأن والدها من
الزعماء السياسيين زمن الملكية( ،)8كما أنها عاقر
البطل ورغبة الغياب عن الحاضر كماضي البطل« /عيسى» ،ورغم ذلك يتمسك البطل
بها ،عندما يصادفها في صفقة بيعه للبيت ،فيفكر في
يهتم «نجيب محفوظ» بتحليل شخصية «عيسى» الزواج منها ،ونجده لا يفكر فيها من أجل الزواج
تحلي ًل فنيًّا ،يكشف عن فلسفة «عيسى» الشخصية، والاستقرار العائلي؛ ولكن يعتبر الزواج منها نو ًعا
من التأمين الاجتماعي لما تتمتع به من مال وثروة،
رؤيته لماضيه وحاضره ،قراره المستقبلي ،خلجاته فلم ينظر إلى كونها عاق ًرا؛ إذ لا يهمه إنجاب الذرية
النفسية وما يعتمل بين جوانحها من رغبة في بقدر ما يهمه اغتنام المال.
الهروب من الحاضر. علاوة على ذلك ،فإن رغبة البطل في الزواج من
صار «عيسى» منبو ًذا سياسيًّا في العهد الجديد «قدرية» والتمسك بها يعكس رغبة البطل في
التعايش مع الماضي رغم عيوبه .وبعد الزواج
وبعد ثورة يوليو ،52ولم يستطع أن يتحول مع يم َّل «عيسى» من زوجه «قدرية» /الماضي العاقر،
المتحولين الجدد ،فهو ثم ٌل على الدوام يقضي حياته وتتضخم مشاجراته معها يو ًما بعد آخر ،ويتدخل
مع الكأس والوحدة والظلام ،حتى يلتقي بريري/ الأصدقاء ويقترحوا عليه أن يعمل ،وليأخذ هدنة
البغي ،ويرى أن بينهما تشاب ًها ،فهي طريدة المجتمع مع نفسه ويذهب بزوجه إلى الإسكندرية ولكنه
أحس أنه« :لا يتقدم خطوة في طريق السعادة :زواج
وهو طريد السياسة الجديدة. بلا حب ،حياة بلا أمل ،ومهما وفق إلى عمل فسيظل
ويأخذ «عيسى» قراره بهجر القاهرة ،والهروب
من واقعه المحزن ،فيرحل إلى الإسكندرية ويشتري