Page 40 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 40
العـدد 28 38
أبريل ٢٠٢1
ثلاث صيغ استلابيه :استلاب اقتصادي ،واستلاب «هذا المكان تم بناؤه بسواعد المطاردين من الأقباط،
جنسي ،واستلاب عقائدي()5؛ فصورة المرأة في كانوا وقتها يهربون من جنود الرومان» ،كأن
(الإضطهاد المجتمعي) ترجع خطورته للآثار
الرواية تنوعت بين الخضوع للاستلاب الجنسي:
كجسد لمتعة الرجل كما في حالة زوجة العمدة السلبية التي يتركها على الأفراد والمجتمعات من
التي قالت للطبيب« :أنا الزوجة الثالثة للعمدة، (اغتراب) ،كما في شخصية طبيب الوحدة الصحية
ولا واحدة منهما خرجت من هنا على قدميها ،تم علي المتسم بفرط الوعي ،فإذا به يتح َّدى العادات
استهلاكهما جميعا في هذا المكان ،وربما على هذا والتقاليد المجتمعية ويستجيب لنداء ذاته عله ُيضفي
الفراش» ،والاستلاب الاقتصادي :الذي يشير إلى على حياته معاني ُتخلصه من الجدية الزائدة ،ويقيم
استغلالها ماد ًّيا كما في حالة فرح ممرضة الوحدة
الصحية التي تقول للطبيب« :إنه ابن عمي ،ولم يكن علاقة مع فرح ممرضة الوحدة الصحية ،والذي
أمامي إلا أن أتزوجه ،حتى عندما لم يجد وظيفة يعاني في الحاضر من هلوسات الاضطهاد الذي
دائمة وتحول إلى عامل موسمي ،ما زال ابن عمي تعرض له في الماضي حين يقول« :أصوات الليل
وما زلت زوجته» ،والاستلاب العقائدي في حالة كانت تثير داخلي رعبًا مميتًا ،تفتيش ،وشتائم،
جليلة التي لن يقبل أهلها أو أهل زوجها أن تتزوج لا أدري كيف خرجت ،واحدة من قرارات العفو
رج ًل مسيحيًّا حتى لو أسلم؛ لذلك لم نجد غرابة العشوائي ،تما ًما مثل قرار السجن العشوائي»؛
في نظرات الشخصيات الذكورية وسلوكياتها التي لذلك جاءت أحلامه دالة على أنه شخصية مأزومة
يحكمها عاملان أساسيان هما :الدور الإنتاجي
للمرأة ،والأفكار الموروثة السائدة في المجتمع ،قوة تتقاذفها الأوهام« :تنفتح متاهة من الأحلام
الإنسان هنا تبدأ من شعوره بالعجز وبقدرته على والضباع تتركز كلها في وجه عيسى يتوسل لي أن
الصبر؛ فمن أجل حماية نفسه من الفوضى« :يلجأ أقرضه نقو ًدا ،وعندما أمد يدي بها تتحول أصابعه
أحيا ًنا إلى التشبث برأيه والبحث عن تسلسل أفكاره إلى كلابات تجذبني إلى دوامة من الرمال المتحركة»،
وفق حد أدنى من القواعد»(.)6 ولأن (التاريخ الفردي) يستوطن (الذاكرة) فلا
إلا أنه في حالة الجازية يتعلق الأمر بقوة تنبثق من غرابة إ ًذا في سلوك الطبيب عبر النهج (البارانوي)
«لا قوة»؛ فهى رغم تعرضها إلى الإهانة فإن هويتها
كـ»فن يلعب على أوتار التناقضات الداخلية
الأنثوية تشكل لديها الهاجس الأكبر؛ فتقول« :أنا للشخصية حين يجعل الآخرين يحبون الحياة ،في
غجرية يا أفندي ،تربيت على الطرقات ،وتعلمت أن حين يعيش الموت»( .)4فبعد عودته من رحلة البحث
آخذ ما أريد». عن المفقودين من أهل البلدة ،يرى حلمه الثاني:
«أرى الضباع وهي تترصدني ،يعدو عيسى أمامها
ثال ًثا :أصنام المجتمع
والكرب الأخلاقي خائ ًفا وأعدو معه ،نتشارك لحظة
الرعب ،يبتعد عيسى وتستمر الضباع
على اعتبار أن (الكرب الأخلاقي) في مطاردتي ،يضع المأمور قدمه على
ينشأ عندما يعلم الإنسان بأنه
يتعين عليه وجو ًبا القيام بفعل صدري ويصرخ مطالبًا بإعدامي».
صائب ،لكن تحول القيود
التنظيمية دون تمكينه من فعله، ثان ًيا :صورة المرأة
ذلك أن (الوثنية السياسية) والثلاثية الاغترابية
بوصفها فاشية ضد الإنسان؛
لاعتقادها أن رجل الدولة هو على افتراض أن القهر الذي
ُيفرض على المرأة يتناسب
مع درجة القهر الذي
يخضع له الرجل؛ فالمرأة في
الرواية الحالية ،تعاني من
محمد المنسى قنديل