Page 42 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 42

‫العـدد ‪28‬‬   ‫‪40‬‬

                                                    ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

 ‫للممرضة فرح‪ ،‬وفي اعتراضه على إجراءات العملية‬       ‫كثير من المواضع‪ ،‬في مقابل ذلك تظهر الشخصيات‬
‫الانتخابية الصورية أمام المأمور‪ ،‬وفي أسفه على قتل‬       ‫المُظلمة لنكتشف أن ضمير المتكلم الذي بدأت به‬
                                                        ‫أحداث الرواية غالبًا ما تصارعه ضمائر أخرى‬
  ‫أقارب الزوج للسيدة (جليلة)‪ ،‬وانتقام أهل القرية‬
‫من الترزي المسيحي أبانوب الذي أحبته‪ ،‬وفي دفاعه‬       ‫تعكس الهوية الملتبسة التي يمر بها أفراد المجتمع‪،‬‬
                                                          ‫حتى لحظات التخييل جاءت لتصوغ للمتلقي‬
  ‫عن الغجرية الجازية ضد اعتداءات مأمور المركز؛‬           ‫(أنا) ملتبسة تستجوب ذاتها‪ ،‬الرواية اعتمدت‬
    ‫ولأن المجتمع الديكتاتوري الذي ابتلعته ال ُسلطة‬
    ‫لا يكون للفرد فيه شأن ُيذكر؛ فيستسلم للأمر‬         ‫على المونولوج الذهني ليكون المتكلم هو الكاشف‬
     ‫الواقع‪ ،‬ويتلون بالخداع والنفاق‪ ،‬هربت زوجة‬      ‫للأفكار تدريجيًّا‪ ،‬ومن ثم يأتي الكشف عن الكيانات‬

  ‫العمدة من العبودية الجسدية‪ ،‬وهرب عيسى زوج‬            ‫النفسية للشخصيات جاءت بلغة بسيطة‪ ،‬عفوية‪،‬‬
 ‫الممرضة من الإحساس بالدونية إلى الصحراء‪ ،‬كما‬            ‫أقرب إلى الكلام العادي في معظم المواضع‪ ،‬مع‬

   ‫أن ذاتية البطل لم تتمكن من الانفصال عن توجه‬         ‫ذلك اتسمت بالتكثيف والإيحاء لتعبر عما يعتمل‬
  ‫الجماعة السيكولوجية الذي هو انعكاس لروحها؛‬         ‫في بواطن الشخصيات من توترات‪ ،‬ربما أبرز ذلك‬
 ‫فمن تداعيات الإغتراب الميل إلى التنازل عن التوجه‬
‫المتحرر والهروب من حيز الفرديات الخائفة والقلقة‬          ‫موضوعية الكاتب في الفصل بين توهم الحرية‬
                                                         ‫أو وجودها الحقيقي‪ ،‬وربما تعمد الكاتب إثارة‬
    ‫إلى عزلة جديدة؛ لتنتهي أحداث الرواية بهروب‬         ‫القصص الفرعية التي تصب في تيمة واحدة هي‬
   ‫طبيب الوحدة الصحية الذي لم ينتصر لذاته‪ ،‬لم‬            ‫المعاناة من الاضطهاد المجتمعي؛ لإيضاح فكرة‬
   ‫ينتصر الكاتب‪ :‬محمد المنسي قنديل للشخصيات‬          ‫مفادها أن البحث عن الوجدان الفردي للشخصيات‬
‫أي ًضا؛ إنما تركهم في حالة توهان نفسي بين المكون‬    ‫موجه إلى تغيير منظور المتلقي حول ماهية الإنسان‬
                                                     ‫وأزماته الوجودية؛ فالكاتب تشغله قضايا إنسانية‬
                       ‫المحكي والمكون السيرذاتي‬          ‫عبر عنها بتلك الانتفاضة في عشق الطبيب علي‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

      ‫‪ -1‬فرج عبد القادر طه‪ ،‬وآخرون (‪ ،)1993‬موسوعة علم النفس والتحليل النفسي‪ ،‬دار سعاد الصباح‪،‬‬
                                                                                            ‫الكويت‪.‬‬

‫‪ -2‬عبد الرقيب أحمد البحيري (‪« ،)1986‬الشخصية النرجسية‪ :‬دراسة في ضوء التحليل النفسي»‪ ،‬مجلة كلية‬
                                                                          ‫التربية‪ ،‬جامعة أسيوط‪ ،‬ع‪.2‬‬

     ‫‪ -3‬بيلاغر انبرغر (‪« ،)2000‬النرجسية‪ :‬دراسة نفسية»‪ ،‬ترجمة‪ :‬وجيه أسعد‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‬
                                                                                    ‫السورية‪ ،‬دمشق‪.‬‬

                  ‫‪ -4‬إبراهيم خليل (‪« ،)2010‬بنية النص الروائي»‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بيروت‪.‬‬
     ‫‪ -5‬مها زحلوق‪ ،‬وعلي أسعد وطفة (‪« ،)1997‬الشواخص الاجتماعية لوضعية المرأة الاغترابية في الوطن‬

                                                 ‫العربي»‪ ،‬جمعية الاجتماعيين في الشارقة‪ ،‬مج‪ ،14‬ع‪.55‬‬
                                          ‫‪ -6‬إدريس كثير (‪« ،)2010‬العمى والعماء»‪ ،‬العلم الثقافي‪ ،‬ع‪.3‬‬
     ‫‪ -7‬إريك فروم (‪« ،)1972‬الخوف من الحرية»‪ ،‬ترجمة‪ :‬مجاهد عبد المنعم مجاهد‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة العربية‬

                                                                           ‫للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -8‬عبد الجليل الطاهر (‪« ،)2016‬أصنام المجتمع‪ ،‬بحث في التحيز والتعصب والنفاق الاجتماعي»‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز‬

                                                                          ‫الأكاديمي للأبحاث‪ ،‬العراق‪.‬‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47