Page 44 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 44
العـدد 28 42
أبريل ٢٠٢1
عن الآخر ،كما تتغيا هذه المقاربة استقصاء علاقة الانتقال من جغرافيا الأنا الشرق إلى جغرافيا الآخر
الأنا بالآخر الآخر بالأنا وما عرفته هذه العلاقة، الغرب ،وهذا الفعل تتنوع دوافعه ما بين الدافع
العلمي المُ ْعلن الذي يتجلى في الارتواء المعرفي كما
في سيرورة التاريخ ،من إبدالات ومتغيرات. هو الحال بالنسبة للبطل في الخطاب ال َّس ْير ذاتي
فـ(نوميديا) تعتبر من الروايات الجديدة التي
قاربت علاقة الأنا بالآخر الآخر بالأنا تشخي ًصا (أديب) ،وما بين الدافع النفسي المُ ْضمر الذي يتجلى
وتخيي ًل ،ويتميز هذا ال َّص ْوغ الحكائي عن النماذج في الارتواء العاطفي كما هو الأمر بالنسبة للبطل
الروائية التي تعرضت لهذه العلاقة بسمتين في ال َّص ْو ِغ الروائي (الحي اللاتيني) .و َت ْن َكتِ ُب في
جوهرتين ،تتجلى إحداهما في أن هذا الأثر الأدبي
يؤرخ لفعل الانتقال من جغرافيا الآخر (فرنسا) إلى هذه المدونة الروائية ثلاث رؤى حول الآخر؛ الرؤية
جغرافيا الأنا (المغرب) وما عرفه هذا الانتقال عبر الاِنبهارية التي تعكس افتتان الأنا واندهاشها مما
التاريخ من استنزاف للأنا ماد ًّيا ومعنو ًّيا ،وتتمثل بلغه الآخر من تقدم علمي وتفوق حضاري ،كما
الأخرى في أن هذا ال َك ْون الروائي يعكس بأسلوب تعكس إعجاب الأنا وانبهارها بقيم الآخر وثقافته
تشخيصي إبداعي صورة الآخر الأنا في النسق توتشنظخيمصهي اةلمُإ ْبجدتامع ِعيةِّي،فيواهل َذكهْو ا ِنلرالؤريةوائتنيكت(أبديبب)ص،وثرمة
الفكري والشعوري للأنا للآخر وما شهدته هذه الرؤية ال ُعدوانية التي تعكس ما يعتمل في وجدان
الأنا من أحاسيس الثأر من الآخر والانتقام من
الصورة من إبدالات من جيل لآخر. إرثه الكولونيالي الذي وشم الذاكرة الجماعية ،وقد
اتخذ هذا الانتقام طاب ًعا جنسيًّا بما هو َر ُّد اعتبار
-1صورة الأنا في مرآة الآخر للأنا و َج ْب ٌر لِ َض َر ِر سنوات الاحتلال والتدجين،
تستنطق هذه المدونة الروائية تمثلات الآخر الغرب وهذه الرؤية تنكتب بشكل إبداعي رمزي في المكتوب
الروائي (موسم الهجرة إلى الشمال) ،وأخي ًرا
عن الأنا الشرق وما نسجته عن هذه الذات من
الرؤية الإلهامية التي تعكس أن الآخر بما حققه
أحكام وصور ،كما تعيد تركيب أجزاء صورة الأنا من منجزات علمية ونجاحات حضارية قد أصبح
ُمله ًما للأنا ل َت ْع ُبر من طور التخلف إلى طور التقدم،
الشرق كما تنكتب في النسق الفكري والشعوري وقدو ًة في بناء مجدها الحضاري وربيعها التنموي،
للآخر ،هذه الصورة التي َت َس َّر َب ْت إلى العقل الغربي وهذه الرؤية تنكتب بطريقة إيحائية تخييلية في
ووجدانه عبر منافذ كثيرة ،لعل أهمهما الدراسات المنسوج الروائي (الحي اللاتيني) .وتتأسس هذه
الاستشراقية التي انشغلت بدراسة هذا المجال الأعمال الروائية على المحو والبناء؛ أو ًل َم ْح ُو ما
تراكم في ذاكرة الآخر من صور وتمثلات خاطئة
من العالم (الشرق) لاستكشاف حضارته وقيمه عن الأنا التي خضع إدراكها للتشويه ،فالآخر يتمثل
إلى ال َم ْح ِك ِّي الشرق في معماره الذهني بما هو حضارة متوحشة
أحاديث ولاستكناه وجدانه وفكره ،بالإضافة
الشفهي عن هذا العالم والذي ُت ْسنِ ُده ومتخلفة ورعوية ،وثانيًا بناء صور وتمثلات
ال َّرحالة و ُت َع ِّز ُزه مرو َّيات المستكشفين ،ولا شك أن صحيحة عن الشرق بما هو عالم َي ْزدان بإرثه
الآخر وهو يرسم صو ًرا عن الأنا و ُي َق ْولِ ُبها ،فإنه الحضاري ،وعن الأنا بما هي ذات مفكرة ومبدعة
ينسج ،عن غير وعي ،صو ًرا عن ذاته و ُي َن ْم ِذ ُجها.
إن تأم ًل َعا ِلًا في سلوكيات القوى الفاعلة (جوليا وإنسانية كغيرها من الذوات.
َلواَخللِ ُّري ٌوق ِمباي)ستوظماها َير ْر َماش ُحت عضنمرههذهم انلقوصىورمعننملفحوضظاارتة تنشغل هذه السطور برواية (نوميديا) لطارق
الأنا الشرق ،وما تكتنزه من أحكام عن هذه الذات، بكاري ،وتتغيا هذه المقاربة استكناه ما تستضمره
الأفعال التلفظية والسلوكية للآخر الغرب من
فالآخر الغرب ينظر إلى المجتمع الشرقي بما هو صور وتمثلات عن الأنا الشرق ،وما يستبطنه
النسق الفكري والشعوري للأنا من أحكام ورؤى
مجتمع متوحش يخضع لقانون الغاب ولثقافة
السيد والعبد ،تقول (جوليا) في هذا الموضوع:
«كنت طفلة ،وكجميع أطفال أوروبا ،كانت تشحذ