Page 253 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 253

‫‪251‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫سينما‬

                         ‫‪.1968‬‬        ‫يحيي وعبد اللطيف زكي وناهد‬            ‫فاستمر موقفنا في العمل على‬
‫هكذا كان قد مر ما يزيد على العام‬        ‫جبر وإبراهيم الموجي ومحمد‬        ‫تسهيل مهام من يأتي بعدنا‪ ،‬بل‬
‫قلي ًل منذ ليلة العرض المنعطف في‬                                          ‫إننا كنا في مسيس الحاجة لكل‬
 ‫مايو ‪ 68‬حتى المهرجان المظاهرة‬      ‫القزاز ومنير راضي ونادية علام‬        ‫من يلحق بنا في الطوابير التالية‬
                                      ‫وآخرين‪ ..‬حيث لا مجال لحصر‬
   ‫في أغسطس ‪ ،69‬وكأن المؤشر‬         ‫كل هذا الأمل‪ ..‬ولكن ما من حدس‬            ‫من جيلنا‪ ،‬ومن الجيل التالي‬
‫قد بدأ يسرع بالإيقاع حيث بدأت‬                                                ‫علينا‪ ..‬ولكن هذه هي قضية‬
 ‫تنطلق براعم الجيل‪ ،‬جيل دفعاتنا‬          ‫ينبه أننا على مشارف انتهاء‬        ‫القضايا اليوم‪ ،‬حيث هي نهاية‬
                                                         ‫الستينيات‪.‬‬        ‫المطاف لما بدأته لحظة المنعطف‬
  ‫الأولى وما لحقها من دفعات في‬                                             ‫منذ تلك الليلة من مايو ‪.1968‬‬
  ‫إخراج الأفلام الروائية الطويلة‪،‬‬    ‫إيقاع ما قبل الاجهاض‬
  ‫بل وبدأ بالفعل يتشكل الطابور‬                                                ‫الكم والكيف‬
  ‫الأول لحركة جادة ومتخصصة‬           ‫والليلة‪ ..‬بينما مرت فترة الخمس‬
                                        ‫سنوات كاملة منذ تخرج أول‬          ‫فمنذ اندلاع الثقة في تلك الليلة‪،‬‬
     ‫في مجال السينما التسجيلية‪.‬‬        ‫دفعة حتى هذه الأمسية‪ ،‬وهي‬          ‫وما بعثته من فكرة محتمة هي‬
    ‫ولكن‪ ..‬لم يكن يدري أحد أن‬           ‫السنوات الخمس من الصراع‬            ‫التجمع‪ ،‬حتى باتت لهفة‪ ،‬هكذا‬
  ‫سرعة الإيقاع بكل هذا الأمل في‬         ‫المرير‪ .‬فإن الإيقاع في الحركة‬      ‫عرض توفيق صالح في رأسي‬
  ‫وداع آخر الستينيات‪ ،‬ستقابلها‬              ‫والإثمار بدأ يسرع‪ ،‬إذ لم‬
                                         ‫تمر سنة واحدة من ليلة هذا‬           ‫وفي مشاعري الإيمان بنفس‬
        ‫ضربة إجهاض مع قدوم‬                                              ‫الفكرة‪ ،‬بل ورحت أعمل من أجلها‬
   ‫السبعينيات‪ ..‬وتلك هي حقيقة‬        ‫العرض حتى انعقد أول مهرجان‬
  ‫التاريخ حيث زاد الكم الذي كنا‬     ‫للسينمائيين الشبان بالإسكندرية‪.‬‬       ‫وعلى نهجها حتى اليوم‪ ،‬ولعلها‬
   ‫نأمل فيه بالفعل‪ ،‬ولكنه أصبح‬                                          ‫السر الحقيقي وراء التفاني الذي‬
    ‫كم للسبعينيات يحيا بحياتها‬        ‫وكان الذي تبناه كذلك هو رجاء‬
 ‫ويشع روائحها‪ ،‬أما ما عرض في‬            ‫النقاش نفسه‪ ،‬فكان المهرجان‬          ‫أبذله مع كل طالب‪ ،‬واعد من‬
‫بدايتها فهو ما كان نتا ًجا للإيقاع‬                                      ‫بين تلاميذي اليوم بالمعهد العالي‬
 ‫السريع في نهاية الستينيات الذي‬       ‫حاف ًل بالأعمال‪ ،‬وكان مهرجا ًنا‬
    ‫لم يح َظ بالفرص إلا مع مطلع‬        ‫بكل معنى الكلمة‪ ..‬كان احتفا ًء‬      ‫للسينما‪ ..‬إنها إذن فكرة العمل‬
  ‫السبعينيات‪ ،‬مثل فيلمنا “صور‬         ‫حقيقيًّا بجيلنا‪ ،‬بل يمكن اعتباره‬      ‫على توفر الكم من أجل تحقق‬
‫ممنوعة” الذي صور في أغسطس‬                                                 ‫الكيف المبتغى‪ ..‬فما بالك عندما‬
     ‫‪ 1968‬ولم يعرض جماهير ًّيا‬             ‫مظاهرة لجيلنا السينمائي‪.‬‬      ‫تكون الظروف مهيأة لتقديم هذا‬
  ‫إلا في ‪ 24‬أغسطس ‪ 1972‬بدار‬           ‫واكبتها مظاهرة إعلامية ونقدية‬       ‫الكم نحو الساحة‪ ..‬إنها تصبح‬
                                                                            ‫نفحة الأمل والفرحة‪ .‬وهو ما‬
     ‫سينما ميامي ليرتمي برجم‬            ‫حقيقية‪ ،‬خاصة عندما وزعت‬            ‫أحسسناه في هذه الليلة عندما‬
‫الحجارة‪ ،‬اتهم بالستينية‪ ،‬وليأخذ‬         ‫جوائزه‪ ،‬وعن نفسي فمن أعز‬            ‫حكيت لزملائي واقعة توفيق‬
‫جواز المرور وإن كان في برود من‬         ‫وأقيم ما حصلت عليه هو أول‬         ‫صالح تما ًما وأكرر حكايتها لكل‬
                                                                             ‫دفعة جديدة في قاعة الدرس‬
   ‫اصطنع السعادة بالسبعينيات‪.‬‬             ‫جائزة من هذا المهرجان في‬       ‫بمعهد السينما واستقبالي لهؤلاء‬
                                        ‫أغسطس سنة ‪ ،1969‬وكانت‬            ‫الجدد‪ ..‬هذا هو ما أحسسناه من‬
   ‫صلح السبعينيات‬                     ‫الجائزة الأولى في إخراج الأفلام‬   ‫فرحة بعد أن حكيت لهم‪ ،‬ومذك ًرا‬
                                      ‫التسجيلية عن ثورة المكن‪ ،‬ومن‬      ‫بالحصة السادسة ومشروعاتهم‬
 ‫عندما تحركت الأصوات العالية‪،‬‬          ‫هذا المهرجان بدأت تلمع أسماء‬     ‫الفيلمية التي بدت إعدا ًدا للتخرج‪.‬‬
  ‫كانت كثيرة‪ ،‬رغم قلة أصحابها‬            ‫العديدين منا‪ ،‬ومنه أي ًضا بدأ‬     ‫حيث ينضمون إلينا قبل نهاية‬
    ‫بالنسبة للكل ولكنها تعبر عن‬         ‫التقاط نجوم الغد من الفنيين‬     ‫العام ‪ :1968‬أحمد ياسين وأحمد‬
   ‫موقف غالبية هذا الكل‪ ،‬هذا ما‬         ‫والفنانين على حد سواء‪ .‬ذلك‬
                                          ‫المهرجان الذي تضمن حتى‬
                                    ‫مشاريع التخرج للدفعة السادسة‬
   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258