Page 255 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫سينما‬

‫هذا الفيلم بعد عرضه حد ًثا ثقافيًّا‬        ‫ومن أبرز ما ترك مدكور ثابت‬        ‫لو شاهدنا هذا الفيلم بعد أربعة‬
     ‫كبي ًرا‪ ،‬ونال تقدي ًرا رفي ًعا فى‬   ‫للسينما المصرية فيلمه التسجيلي‬        ‫عقود من ظهوره‪ ،‬سيبدو لنا‬
                                          ‫الوثائقي الطويل «سحر ما فات‬
  ‫المهرجانات الدولية‪ ،‬كما حصل‬           ‫فى كنوز المرئيات» ‪ ،2009‬ويعتبر‬       ‫جريئًا‪ ،‬لكن مفهوم‪ ،‬ينهض على‬
  ‫على الجائزة الأولى فى مهرجان‬                                                ‫فكرة البحث عن قاتل صاحبة‬
                                           ‫الفيلم وثيقة مصورة لاحتوائه‬
             ‫الإسكندرية ‪.1969‬‬               ‫على مواد فيلمية نادرة للغاية‪،‬‬         ‫الصورة المغدورة‪ ،‬وخلال‬
‫جاء هذا الفيلم ليجسد فيه مدكور‬             ‫تم تجميعها من خلال أشرطة‬         ‫التحقيق تتجه الإدانة إلى أطراف‬
                                         ‫السينما من عدة دول منها مصر‬
   ‫ثابت التأثير الذى تركته حرب‬                                                 ‫اجتماعية وأخلاقية فاسدة فى‬
 ‫الستة أيام ‪ 1967‬على الإنتاج في‬               ‫وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا‪،‬‬        ‫مصر‪ ،‬حينذاك‪ ..‬وفى «الأصل‬
  ‫كل المجالات فى مصر‪ ،‬وحتمية‬            ‫والأشرطة يرجع تاريخها إلى أول‬
                                        ‫لقطات لعدسة سينمائية فى مصر‬              ‫والصورة»‪ ..‬يظهر المخرج‪،‬‬
      ‫المقاومة الدائمة والمستميتة‬                                           ‫مدكور ثابت‪ ،‬بنفسه‪ ،‬عقب الربع‬
 ‫وضرورة العودة إلى العمل‪ ،‬فلم‬              ‫عام ‪ 1898‬للأخوين «لوميير»‪.‬‬       ‫الأول من الفيلم‪ ،‬ليعتذر لجمهور‬
                                             ‫وثق هذا الفيلم لمائة عام من‬    ‫الصالة‪ ،‬عن ضرورة إعادة سرد‬
   ‫نشهد فى الفيلم سوى مكينات‬                               ‫تاريخ مصر‪.‬‬        ‫ما سبق‪ ،‬ويطلب‪ ،‬فى النهاية‪ ،‬أن‬
   ‫المصانع بمكابسها ومحابسها‬                ‫أما فيلمه الأول «ثورة المكن»‬    ‫يستنتج المتفرج ويحدد شخصية‬
     ‫وتروسها ومضخاتها‪ ،‬وهى‬
   ‫تعمل من خلال لقطات قريبة‪،‬‬             ‫محور هذه الأوراق من مذكراته‪،‬‬          ‫القاتل‪ ..‬أسلوب مدكور ثابت‪،‬‬
     ‫استخدمها استخدا ًما إبداعيًّا‬      ‫قد تم تصويره وإنجازه كأول رد‬           ‫المتأثر بتعاليم برتولد بريخت‬
   ‫فى لقطات متتالية‪ ،‬ومع صوت‬                                                 ‫وآخرين من الحداثيين‪ ،‬لم يكن‬
   ‫الانفجارات وصفارات الإنذار‬             ‫فعل مباشر لنكسة ‪ ،1967‬وقد‬           ‫مستسا ًغا فى سبعينيات القرن‬
                                        ‫أكد محمد القليوبى وناجى فوزى‬        ‫الماضى‪ ،‬وبالتالى لم ينجح الفيلم‬
      ‫التى تعبر عن قيام الحرب‪،‬‬
      ‫فتتحول الحركة إلى مارش‬              ‫أن الفيلم لم يكن لمغازلة السلطة‬        ‫فى حد ذاته‪ ،‬ولكن فتح باب‬
    ‫عسكرى ثابت وواثق الإيقاع‬             ‫أو التقرب إليها‪ ،‬لأن مدكور كان‬    ‫التجريب والخيال الجامح‪ ،‬لسينما‬
‫بتأثير الموسيقا المصاحبة‪ ،‬إشارة‬           ‫بعي ًدا عن هذه الأجواء‪ .‬كما أكد‬
      ‫إلى ضرورة تجاوز النكسة‬              ‫الأساتذة وخبراء السينما الذين‬          ‫رأفت الميهى ومحمد شبل‪.‬‬
    ‫والانكسار الذى خلفته حرب‬              ‫تحدثوا عن مدكور ثابت فى بدء‬      ‫ويؤكد أساتذة وخبراء السينما أن‬
‫الستة أيام‪ .‬والفيلم هو تعبير عن‬
   ‫رفض الهزيمة‪ ،‬وأن الشعب لا‬                  ‫المقال أن هذا الفيلم هو أول‬   ‫أول تجريب فى السينما الروائية‬
  ‫يموت وأن مصر لا تموت أب ًدا‪.‬‬            ‫فيلم تجريبي فى تاريخ السينما‬     ‫قدمه مدكور ثابت كان من خلال‬
                                           ‫المصرية‪ .‬لذا علينا أن نؤكد أن‬
                                            ‫مدكور ثابت هو رائد السينما‬         ‫هذا الفيلم‪ .‬وفى تعليق لنجيب‬
                                           ‫التجريبية فى مصر‪ .‬وقد اُعتبر‬     ‫محفوظ حول هذا الفيلم‪ ،‬قال إنه‬

                                                                              ‫لن ُيفهم قبل ثلاثين عا ًما مثل‬
                                                                                        ‫فيلم «باب الحديد»‪.‬‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260