Page 248 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 248

‫العـدد ‪25‬‬                          ‫‪246‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬

 ‫الأولى‪ ،‬وكذلك تجمعنا الشارد في‬       ‫برغبتي في ألا تكون بدايتي على‬        ‫الفكرة الجهنمية باسم ضمان‬
 ‫الشوارع لا نخشى في هذه الليلة‬      ‫غير ما أملت فيه من تقديم سينما‬         ‫المحافظة على الرقي المهني في‬
                                                                          ‫صناعة السينما المصرية‪ ،‬دون‬
                  ‫إلا أن تنفض‪.‬‬          ‫جديدة‪ ،‬إني أبحث لنفسى عن‬            ‫أن يعلن أصحاب الفكرة عن‬
                                      ‫طريق جديد أرجو أن يرتبط به‬         ‫حقيقة ما يستهدفونه وهو عدم‬
       ‫إلى فينيكس‬                   ‫اسمى منذ لحظات البداية‪ ،‬وكانت‬       ‫المزاحمة من أي وافد جديد‪ ،‬رغم‬
                                    ‫قناعة الزرقاني نابعة من ارتياحه‬      ‫فكرة امتصاصهم بالتشغيل في‬
     ‫أقول‪ :‬نخشى أن ننفض وقد‬                                            ‫الدرجات السفلى من السلم المهني‪،‬‬
    ‫ظللنا على حالنا المتوهج مشيًا‬         ‫بأنه قد أدى دوره ومنحني‬          ‫شريطة أن يمر بمراحل القتل‬
    ‫ونقا ًشا‪ ..‬إلى أن خرجت فكرة‬     ‫الفرصة ولكنني أنا المختلف وتلك‬
   ‫أن نجلس على مقهى‪ .‬ولم يكن‬                                                                   ‫البطيء‪.‬‬
  ‫أمامنا إلا «فينكس»‪ ،‬وهنا يجب‬                            ‫مشكلتي‪.‬‬          ‫وحيث لا يمكن تعميم الموقف‬
‫ألا يمر اسم مقهى فينكس مرو ًرا‬       ‫وكان هذا مجرد مثال بينما كان‬           ‫المناهض لنا على كافة قدامى‬
                                                                       ‫السينمائيين‪ ،‬فإن ما يجب إقراره‬
      ‫عاب ًرا‪ ،‬فهو ليس عن قضية‬           ‫هناك أي ًضا أمثلة أخرى مثل‬       ‫أن الذين احتضنونا حقيقة هم‬
‫الصراع ذاتها بين جديدنا والقديم‬     ‫يوسف شاهين في مجال الإخراج‬              ‫أي ًضا سينمائيون قدامى‪ ،‬بل‬
 ‫السينمائي‪ ،‬إنه نفس المقهى الذي‬                                           ‫والإثباتات عديدة لذوي النوايا‬
‫تعود السينمائيون الرواد ارتياده‬           ‫واحتضانه لأكثر من واحد‬          ‫الطيبة منهم‪ ،‬أي جيل الأساتذة‬
                                       ‫من زملائنا للعمل كمساعدين‪،‬‬       ‫والرواد‪ ،‬نحو أبنائهم من دفعاتنا‬
   ‫والجلوس فيه واللقاء ببعضهم‬          ‫ولو حتى في مراحل التحضير‬
  ‫بع ًضا‪ ،‬وحول موائد هذا المقهى‬                                              ‫الأولى‪ ،‬فكاتب هذه السطور‬
 ‫تطرح قضية الصراع نفسها بين‬              ‫فقط‪ ،‬مثله أي ًضا كان توفيق‬      ‫(مدكور ثابت) على سبيل المثال‬
                                        ‫صالح‪ ،‬كذلك كان صلاح أبو‬           ‫ومنذ اللحظات الأولى لتخرجي‬
    ‫كل المستويات ليتم مناقشتها‬           ‫سيف واحتضانه لمحمد عبد‬
 ‫أي ًضا بشتى الأساليب‪ ..‬وصحيح‬         ‫العزيز‪ ،‬مثلما سبق أن احتضنه‬          ‫في يونيو ‪ ،1965‬بل وفي يوم‬
‫أننا كنا نرتاد هذ المقهى مثلهم في‬    ‫حلمي حليم‪ ،‬أي ًضا سعيد الشيخ‬      ‫إعلان النتيجة نفسه‪ ،‬إذا بأستاذنا‬
                                       ‫وفرصته لعادل منير مساع ًدا‪.‬‬
   ‫محاولة الاقتراب منهم‪ ،‬خاصة‬       ‫كما كان هناك في مجال التصوير‬            ‫الكاتب الراحل علي الزرقاني‬
 ‫من لم نكن قد تعرفنا عليهم بعد‪،‬‬        ‫من نالوا فرصتهم كمساعدين‬          ‫يطلبني للاشتراك معه في كتابة‬
‫أو فلنقل إنه مجرد تلمس الطريق‬          ‫أو مصورين مع أساتذتهم من‬
                                        ‫مديري التصوير القدامى من‬            ‫سيناريو فيلم «السراب» عن‬
     ‫للاقتراب من حقل الاحتراف‬          ‫أمثال وديد سري وعبده نصر‬             ‫قصة نجيب محفوظ‪ ،‬وأعمل‬
       ‫السينمائي ذاته‪ ،‬وقد يقال‬                                            ‫معه بالفعل‪ ،‬وتنشر الصحف‬
                                          ‫وعبد العزيز فهي وفيكتور‬       ‫أخبار ذلك ويتردد اسمى في هذا‬
    ‫كذلك إنها الرغبة اللاشعورية‬      ‫أنطون‪ ،‬ويمكن القياس على ذلك‪،‬‬        ‫الصدد عن كتابة السيناريو مع‬
   ‫في اختراق مجالاتهم‪ ،‬وأ ًّيا كان‬   ‫ولكن في نفس المستوى في شتى‬         ‫على الزرقاني‪ ،‬وأقول الحق إنني‬
   ‫التفسير‪ .‬فإن وجو ًها بشوشة‬                                            ‫أنا الذي ‪-‬بعد انتهائنا من كتابة‬
   ‫كانت تلقانا بابتسامة الترحيب‬         ‫مجالات المهن الأخرى‪ ،‬ولكن‬          ‫السيناريو‪ -‬قد طلبت من على‬
                                      ‫تلك الإسهامات المحددة بمجرد‬          ‫الزرقاني ألا يكتب اسمي معه‬
                        ‫الحلوة‪.‬‬     ‫التشغيل المتناثر في أفلام القدامى‬   ‫بالفيلم‪ .‬وقد وافقني بلا تضايق‪،‬‬
  ‫ورغم تسلحنا المبكر بهذه الثقة‬                                           ‫ولا هو قد شعر منى بأي نوع‬
 ‫في النفس والتي أودعها إيانا منذ‬         ‫تظل جزر التطلع إلى فرصة‬          ‫من التعالي‪ ،‬فقد كانت مخافتي‬
                                        ‫تقديم سينما خاصة بنا‪ ،‬رغم‬        ‫أن يستشعر ذلك وهو أستاذي‪،‬‬
     ‫الصغر تلمذتنا الأولى على يد‬    ‫حسن النوايا السابقة‪ ،‬هي الجذوة‬     ‫وقد تفهم منى ما شرحته واقتنع‬
 ‫المرحوم محمد كريم‪ ،‬كما ذكرت‪،‬‬          ‫التي لا تنطفئ‪ ،‬بل وكلما مرت‬
                                      ‫الأيام تأججت نارها في أعماقنا‪.‬‬
    ‫فإن ثقتنا الليلة لم تعد تحدها‬     ‫ولذا كانت حرارة نقاشاتنا بعد‬
    ‫حدود ولا هي تقاس بمقياس‬
 ‫أننا بكل الثقة في لحظة المنعطف‪..‬‬         ‫ليلة العرض الأول لأفلامنا‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253