Page 81 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 81

‫‪79‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

   ‫زاهر”‪ ..‬وعلى الفور قال لي ما ًّدا يده لمصافحتي إن‬
                                    ‫اسمه جابر‪..‬‬

      ‫سار إلى جواري وراح يحكي عن أمور مضحكة‬
  ‫حدثت معه في المدرسة‪ ،‬وبعض الأخبار عن الانهيار‬

      ‫الأرضي بالقرب من محطة الرمل‪ ،‬ومع الحديث‬
    ‫والضحك نسيت المرور على عم مرسي البقال لكي‬
  ‫أعطيه «القرش صاغ»‪ .‬سألني جابر‪« :‬إنتوا ساكنين‬
 ‫في‪ ..‬في‪..‬؟»‪ .‬أجبته في تلقائية‪« :‬هنا في القصعي‪ ،‬جنب‬
     ‫غبريال‪ ،‬في الناحية التانية من المزلقان»‪ .‬فقال لي‪:‬‬
     ‫«نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬أنا أراك هناك دائ ًما‪ .‬أبي يعرف أباك‪،‬‬
    ‫يقعدان مع بعضهما على مقهى عم عبد العزيز‪.”..‬‬
   ‫وصلنا حتى آخر غبريال‪ ،‬وكان هناك سوق صغير‬
 ‫يجتمع فيه الباعة كل أسبوع‪ .‬قال جابر‪“ :‬أنت تحمل‬
‫هذه الزجاجة الكبيرة منذ فترة طويلة‪ ،‬ومن المؤكد أنك‬
   ‫تعبت‪ ،‬دعني أساعدك وأحملها عنك قلي ًل”‪ .‬أعطيته‬

      ‫الزجاجة وسرنا قلي ًل‪ .‬سألني‪“ :‬لكن لماذا تحمل‬
     ‫مثل هذه الزجاجة الكبيرة وهي فارغة؟” قلت له‪:‬‬
  ‫يجب أن أملأها سبيرتو من الدكان الذي يقف هناك‬
   ‫في آخر هذا السوق‪ .‬هناك عند الترامواي»‪ .‬فقال لي‬
   ‫ناص ًحا‪“ :‬إ ًذا‪ ،‬انتبه للنقود التي ستشتري بها‪ ،‬لأن‬
   ‫الحرامية منتشرون هنا في السوق‪ ،‬وبالذات في تلك‬
    ‫المنطقة المزدحمة‪ .‬أين أخفيت النقود؟» قلت له‪« :‬ها‬
    ‫هم في يدي‪ ،‬وقد أطبقتها عليها جي ًدا‪ ،‬ومعها أي ًضا‬
 ‫القرش صاغ الذي يجب أن أسلمه لعم مرسي البقال‪.‬‬
 ‫يجب أن أعيد له فلوسه»‪ .‬فضحك‪ ،‬ونظر لي في عطف‬
‫وخوف وقال‪« :‬لا‪ ،‬يا خويا‪ ،‬هذا غير صحيح‪ .‬الصبيان‬
  ‫الحرامية سيخطفونهم منك‪ ..‬هات هذه الفلوس معي‬
‫إلى أن نصل ونملأ الزجاجة‪ .‬سأرجع معك لغاية البيت‬
  ‫في القصعي‪ ،‬وبالمرة نعيد القرش صاغ لعم مرسي‪.‬‬
    ‫أنت مثل أخي الصغير»‪ .‬أعطيته الفلوس وأحاطني‬
‫بذراعه لكي يحميني من الزحام‪ .‬قلت في نفسي‪« :‬رائع‬
 ‫ج ًّدا‪ .‬جابر سيرجع معي‪ .‬إ ًذا سأجعله يحمل الزجاجة‬
‫المملؤة بالسبيرتو وينتظرني بعي ًدا إلى أن أعطي القرش‬
‫صاغ لعم مرسي‪ ،‬وبذلك لن يرى الزجاجة ولن يعرف‬
    ‫أنني اشتريت سبيرتو من مكان آخر‪ .‬وبالتالي‪ ،‬لن‬

                                         ‫يزعل»‪.‬‬
 ‫وصلنا إلى منطقة الزحام التي قال لي جابر إنها مليئة‬
‫بالحرامية والنشالين‪ .‬بعد هذه المنطقة مباشرة سنصل‬

  ‫إلى الدكان الذي سنشتري منه السبيرتو‪ .‬راح جابر‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86