Page 240 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 240
العـدد 27 238
مارس ٢٠٢1
اللي شتمني في المركز»، مآثرها التي كانت ،كأنها حبيبة وشخوصه ،نرى أي ًضا حضو ًرا
ففي هذا السرد الشعري قديمة اختفت في زحام الزمن. واض ًحا لضمير الـ»أنت» في كثير
تبدو الذات أكثر اقترا ًبا من كما تتكرر صيغة الخطاب ،أي ًضا،
نفسها ،وتستعيد تاريخها، في قصيدة «ماتاخدش في بالك»، من القصائد ،كتقنية للخطاب
مزاوجة بين الخاص والعام وإن كان المخاطب هنا أقرب أن المباشر بين الذات وذات أخرى
يكون هو الذات الشاعرة نفسها، متخيلة تخاطبها ،يقول في قصيدة
بشكل رهيف وصادق. لكنها انقسمت على نفسها وكأنها
للأمانة ،يبدو حضور في مواجهة مرآوية ،في محاول «ماوعيتش أنت»:
الإيقاع أحيا ًنا ثقي ًل على لـ»تصبير» الذات على ما تعاينه «ماوعيتش أنت على الضلمة الكحل
النص ،وحم ًل زائ ًدا عليه، من مكاره وقبح مهيمن على العالم.
إذ يضطر الشاعر لوضع تبتعد الذات الشاعرة عن رؤية والليل اللي بيطلع م الساقية
مفردات لا تضيف شيئًا للنص العالم أحيا ًنا ،وتتجه إلى رؤية المهجورة
لمجرد أن تضفي إيقا ًعا ما ،مثلما نفسها ،والإنصات إلى صوتها
نرى مث ًل في قصيدة «يا بلاد الداخلي ،فنعرف بشكل سردي ولابس لبس الديب
ما تحبه وما تكرهه ،مخاوفها ماوعيتش أنت على كزان الدرة
الله» ،إذ يقول: وأوجاعها ،وهذا يتجلى مث ًل في
«النخل بيصحى ويتمطع قصيدة «حمل كتاف» ،إذ يقول: بتبصبص لك
ويفرد دراعاته على العالم يعديه «ما باحبش تبريقة نادية الجندي وف عز النسمة تغازل عينك
فيغني بعد دقايق ولا لهفة نظرات الناس قدام بالشراشيب
وتبان أعراض الحب عليه» شبابيك التراخيص ماوعيتش أنت على القمح المتخزن
فمفردة «يعديه» هنا تبدو مقحمة
لمجرد إحداث إيقاع زائف ،ولا ولا شكل الصبيان المساخيط في في زكيبة أمي
تضيف للدلالة أو بنية النص ،بل التوكتوك وهو بيحلم يبقى رغيف».
ربما تخصم منه ،إذ لا تستقيم فاستخدام ضمير المخاطب
العدوى المرتبطة بالمرض فى ولا هلع الميكروباصات في الشارع يبدو في هذه الحالة كمحاولة
وصف الحب وانتشاره ،ولو قبل مغارب رمضان لإقناع مخاطب متخيل ،يمثل
تأملنا السطرين الأولين دون كل الرافضين منطق الذات
هذه المفردة الناتئة ربما كانت ولا جثث الخلق المدفونة في آخر ورؤيتها ،وتلجأ للمحاججة عبر
قيمتهما الشعرية أكبر وأكثر الأوتوبيس» تكرار مفردة «ماوعيتش» كآلية
غنى وثراء ،فبمجرد أن يقول لإفحام الخصم ،وتعداد الأشياء
الشاعر «النخل بيصحى ويتمطع/ فالشعرية هنا تنبع من هذه والتفاصيل والحياة السابقة التي
ويفرد دراعاته على العالم» فإنه الحالة السردية المحضة ،المشبعة لم يكن حاض ًرا لها ولا واعيًا بها،
يكون قد اقتنص جوهر الصورة بشعريتها الخاصة ،وإن لم تخل فيسردها عليه بوصفها الفردوس
الشعرية في رهافتها وطزاجتها من الصور المجازية ،لكن الصورة المفقود الذي ضاع في زحمة الأيام
وعنفوانها ،ولا ضرورة حقيقية السردية الكلية تبدو أكثر وضو ًحا والتحول من المجتمع الريفي
لأن يتبعها بمفردة «يعديه» التي وهيمنة وإنتا ًجا للشعرية ،وتتمدد للمجتمع الحضري ،ومن بساطة
تبدو كزائدة دودية لا علاج لها الطبية إلى تعقيدات الصناعة ،ومن
سوى الاستئصال .وهذا الإكراه هذه المرآوية طوال القصيدة نصاعة الماضي إلى بؤس الحاضر،
الإيقاعي يتكرر كثي ًرا ،ربما لمغازلة مستعي ًدا مشاهد مركزية من فدائ ًما ما يستدعي طرف إحدى
أذن المتلقى على حساب الشعر تاريخ الذات الشاعرة ،وأثرها في الثنائيات طرفها المقابل حضو ًرا
تكوينها النفسي «مابحبش نظرات
الغدر /ولا وجع الناس الواقفة وغيا ًبا.
طابور /ولا شكل الأستاذ اللي كما تتكرر صيغة الخطاب في
ضربني ف إعدادي /والصول قصيدة «القلة» حيث يؤنسن
«القلة» ويخاطب حضورها
الطيفي بعد اندثارها ،معد ًدا