Page 244 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 244

‫العـدد ‪27‬‬                          ‫‪242‬‬

                                      ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

‫الازدواجية اللغوية‬

‫وازمة اللغة العربية‬
                                                        ‫د‪.‬خالد طلعت‬

        ‫اللغوية (وبالتالي الذهنية‬          ‫نعاني من الازداجية اللغوية‬    ‫تعاني اللغة العربية من بعض‬
   ‫والتطورية)‪ ،‬والتي نستعرض‬             ‫فحسب‪ ،‬بل أي ًضا من التعددية‬
                                                                             ‫الإشكالات المتأصلة في بنيتها‬
                ‫بعضها كالتالي‪:‬‬                ‫اللغوية‪ ،‬حيث إن معظمنا‬         ‫والتي تسببت لمستخدميها في‬
‫‪ -1‬تتميز اللغة العربية عن الكثير‬           ‫يستخدم شك ًل ما من اللغة‬        ‫الوصول إلى حالة «الازدواجيه‬
                                           ‫العربية الفصحى في الكتابة‬        ‫اللغوية»‪ ،‬التي يمارسها جميع‬
  ‫من اللغات بتعقيد البناء اللغوي‬            ‫الجادة‪ ،‬ولكنه يستخدم في‬           ‫المتحدثين بها دون استثناء!‬
 ‫من نحو وصرف وإعراب‪ ،‬ومن‬              ‫الكلام المنطوق وفي تسيير أموره‬      ‫تعرف الازدواجية اللغويه بانها‬
                                         ‫اليومية لغات أو لهجات عامية‬         ‫حالة وجود مستويين للكلام‬
    ‫حيث تخصيصها لتصريفات‬               ‫مشتقة من العربية وبعيدة عنها‬      ‫(فصحى وعامية) من نفس اللغة‪،‬‬
   ‫وإعرابات وضمائر مميزة لكل‬               ‫كل البعد أحيا ًنا‪ ،‬وبالإضافة‬  ‫أو من لغتين مختلفتين‪ ،‬كالعربية‬
‫من الحالات الاتية‪( :‬المفرد المذكر‪،‬‬    ‫لذلك تطعم تلك اللغات العامية في‬       ‫والإنجليزية مث ًل‪ ،‬يستخدمان‬
‫المفرد المؤنث‪ ،‬المثنى المذكر‪ ،‬المثنى‬    ‫معظم الأحيان بقدر من اللغات‬      ‫بطريقة متكاملة‪ ،‬ولكن لكل منهما‬
                                        ‫الأوروبية‪ ،‬وخاصة الإنجليزية‬       ‫وضعه الاجتماعي والثقافي الذي‬
     ‫المؤنث‪ ،‬الجمع المذكر‪ ،‬الجمع‬      ‫وبدرجة أقل منها الفرنسية‪ ،‬يزيد‬
    ‫المؤنث‪ ،‬جمع التكسير)‪ ،‬وهذا‬          ‫أو يقل بحسب مستوى التعليم‬                       ‫يميزه عن الآخر‪.‬‬
     ‫يؤدي بدوره الى تغير شكل‬             ‫والمكانة الاجتماعية للمتحدث‪.‬‬           ‫وبينما توجد درجة ما من‬
‫الكلمات وترتيب الحروف‪ ،‬وليس‬              ‫بل وتحل تلك اللغات الأجنبية‬     ‫الازدواجية اللغوية في كل اللغات‪،‬‬
‫فقط من حيث الإعراب‪ ،‬وهو حالة‬              ‫بالكامل محل العربية العامية‬       ‫حيث توجد اختلافات بين لغة‬
    ‫الحرف الأخير من الكلمة‪ ،‬بل‬           ‫أو الفصحى في حديث وكتابة‬           ‫الصحافة ولغة السياسة ولغة‬
 ‫أي ًضا الصرف وهو حالة وشكل‬           ‫بعض الطبقات الاجتماعية‪ .‬يعني‬         ‫الشارع إلخ‪ ،‬إلا أن هناك التزام‬
     ‫حروفها الداخلية‪ ،‬ولذلك قد‬         ‫هي ليست ازدواجية بل تعددية‬         ‫عام بالهيكل الأساسي للغة‪ ،‬كما‬
 ‫تتغير حروف الكلمة بشكل كبير‬                                               ‫نجد أن لدى تلك اللغات القدرة‬
                                                               ‫لغويه!‬      ‫على تحديث معاجمها باستمرار‬
        ‫وفق موقعها من الجملة!‬              ‫لمحاولة فهم هذه الظاهرة لا‬          ‫لإضافة المزيد من الكلمات‬
   ‫‪ -2‬يضطر ما سبق ذكره من‬                ‫بد من العودة للحديث عن تلك‬      ‫الدارجة والمصطلحات المستحدثة‪،‬‬
    ‫يحاول الكتابة باللغة العربية‬           ‫الإشكالات المتاصلة في اللغة‬    ‫وللإشارة إلى ما أصبح من غير‬
                                          ‫العربية التي نظنها السبب في‬     ‫المستخدم من معان وألفاظ إلخ!‬
      ‫إلى إعراب كل كلمة يكتبها‪،‬‬            ‫تفاقم تلك الحالة من الإعاقة‬      ‫وبملاحظة بسيطة نجد أننا لا‬
  ‫وإلى تصريفها نحو ًّيا‪ ،‬ثم إعادة‬
 ‫مراجعة ما كتبه عدة مرات بحثًا‬
‫عن الأخطاء التي وقع فيها‪ ،‬وهي‬

     ‫خطوة إضافيه مزعجه حتى‬
   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249